محسوس ، إدراكا جزئيّا يحكم به ، كما يحكم الحسّ بما يشاهده ، فعندك قوّة هذا شأنها ، وأيضا فعندك وعند كثير من الحيوانات العجم قوّة تحفظ هذه المعاني بعد حكم الحاكم (١) غير الحافظ للصّورة (٢)» ـ انتهى ـ ، فإنّ الظّاهر أنّ قوله : «معان جزئية غير محسوسة» إشارة إلى القسم الأوّل ، وقوله : «ولا متأدّية من طريق الحواسّ» إشارة إلى القسم الثّاني ، وأنّ ذكر إدراك الشّاة معنى في الذئب ـ إلى آخره ـ على سبيل المثال.
دقيقة
وحيث عرفت ذلك ، ظهر لك أنّ ما ذكره المحقّق الطّوسي (ره) في «شرح الإشارات» في ذيل كلام الشّيخ في شرح القوى الدّرّاكة من باطن ، «إنّ الصّورة هي ما يمكن أن تدرك بالحواسّ الظاهرة ، والمعنى ما لا يمكن أن يدرك بها» وقد تبعه في ذلك كثير من المتأخّرين ، وبالجملة قد خصّوا المعنى بالقسم الأوّل فقط ، كأنّه اصطلاح آخر منهم أو غفلة عن كلام الشيخ ، وحينئذ فكلام هؤلاء في إثبات القوّة الوهميّة بإدراك المعاني الجزئيّة التي أرادوا بها القسم الأوّل فقط ، إن كان مبناه على أنّ هذا الطريق أوضح طريق في اثباتها وفيه غنية ، فلا غبار عليه ، وإن كان مبناه على أنّ إثباتها إنّما هو بإدراك القسم الأوّل فقط ، ففيه شيء ، لأنّه كما يمكن إثباتها بذلك ، يمكن إثباتها بإدراك القسم الثّاني أيضا ، كما ذكره الشّيخ هنا ، ويأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وقوله : «أمّا التي لا تكون محسوسة في طباعها» ـ إلى آخره ـ بيان القسم الأوّل من المعاني الغير المحسوسة ، ولإثبات القوّة الوهميّة بإدراكها ولمغايرتها لما سواها. وإنّما أسند هنا إدراك تلك المعاني إلى الشاة ، مع أنّه فيما تقدّم من قوله : «ثمّ إنّا قد نحكم في المحسوسات بمعان لا نحسّها» أسنده إلينا ـ أي إلى النّفس الناطقة ـ إشعارا بأنّ إدراكها إنّما هو من خواصّ النّفس الحيوانيّة بما هي حيوانيّة ، وكما أنّها يدركها الإنسان يدركها
__________________
(١) في المصدر : الحاكم بها ...
(٢) للصور.