من حيث يعمل ليصل إلى الحكم» ـ إلى آخر الفصل ـ.
تفسيره واضح. وليست هذه الكلمات منه دالّة على اضطرابه في أمر هذه القوى كما فهمه الإمام الرازي ، إذ ليس يشتبه على مثل الشّيخ ذلك ، بل إنّ مراده كما فهمه المحقّق الطوسيّ (ره) منه ، أن المبدأ الذي ينسب إليه التّخيّل والتّذكّر والحفظ هو الوهم ، ولذلك جعله رئيسا حاكما على القوى الحيوانيّة ، كما أنّ مبدأ الجميع في الإنسان هو النّفس الناطقة ، فتدبّر.
وبما ذكرنا تمّ شرح كلام الشّيخ وتمّ تعديد القوى الحيوانيّة. وقد بقي القول في كثير من أحكام تلك القوى ، وخصوصا القول في النّوم واليقظة والرّؤيا الصّادقة والكاذبة وأمثال ذلك ممّا هو له مناسبة واتّصال بأفعال المصوّرة والمفكّرة من هذه القوى على ما قالوه ، إلّا أنّ تفصيل القول في ذلك حيث كان موجبا للإطناب ، لم نتكلّم فيه مخافة ملالة الأصحاب.
في القوى الإنسانيّة
وحيث عرفت تعديد القوى الحيوانيّة ، فلنتكلّم في القوى الإنسانيّة ، فنقول :
قال الشّيخ في «الشّفاء» (١) في فصل تعديد قوى النّفس : «وأمّا النّفس النّاطقة الإنسانيّة فينقسم (٢) قواها إلى قوّة عاملة وقوّة عالمة ، وكلّ واحد (٣) من القوّتين يسمّى (٤) عقلا باشتراك الاسم أو تشابهه ، فالعاملة (٥) هي مبدأ محرّك لبدن الإنسان إلى الأفاعيل الجزئيّة الخاصّة بالرّوية على مقتضى آراء تخصّها اصطلاحيّة ، ولها اعتبار بالقياس إلى القوّة الحيوانيّة النّزوعيّة ، واعتبار بالقياس إلى القوّة المتخيّلة الحيوانيّة والمتوهّمة ، واعتبار بالقياس إلى نفسها.
__________________
(١) الشفاء ـ الطبيعيّات ٢ / ٣٧ ـ ٤٠ ، الفصل الخامس من المقالة الاولى.
(٢) في المصدر : فتنقسم ...
(٣) وكلّ واحدة ...
(٤) تسمّى ...
(٥) فالعاملة قوّة هي.