«إنّ (٢) كل ما يكون مبدأ لصدور أفاعيل ليست على وتيرة واحدة عادمة للإرادة» ، على ما فسّرناه ولخّصنا معناه ، وهو أتمّ التعبيرات عنها وأحسنها ، لا يزيل الاشتراك اللفظيّ ؛ إذ المقصود حصول ذلك الاشتراك بحسب ما هو حدّ للنفس ، وتلك الرسوم والتعبيرات ليست بحدّ.
على أنّ بعض تلك الرسوم والتعبيرات ، وإن كان يشمل الفلكيّة أيضا ، لكنّه مخلّ من وجه آخر. كما إذا قيل : إنّها مبدأ لصدور فعل ما ، إذ يدخل فيه صور البسائط والعنصريّات ، وبعضها مما هو مخلّ من وجه آخر. كما إذا قيل : إنّها مبدأ لصدور فعل مع الإرادة ، إذ يخرج عنه حينئذ النفس النباتيّة ، وبعضها مما لا يشمل الفلكيّة على المذهب الصحيح ، كما إذا قيل : إنّها مبدأ لصدور أفعال مختلفة مع الإرادة ، إذ ليست أفعال الفلكيّة على المذهب الصحيح ـ من أنّ لكلّ فلك نفسا مفردة نهج مختلفة ، بل هي على نهج واحد على ما قالوا. وهذا أيضا يؤيّد الاشتراك اللفظيّ ، وأمّا على المذهب غير الصحيح من أنّ النفس إنّما هي متعلّقة بالفلك الكلّيّ ، وأنّ الأفلاك الجزئيّة المختلفة في الحركات بمنزلة الآلات لها ، فأفعال الفلكيّة وإن كانت مختلفة ، وكذا هذا التعريف وإن كان مشتملا على معنى مشترك بين الفلكيّة والأرضيّة ، لكنّه حيث كان رسما ، فلا يزيل ذلك كون اسم النفس واقعا عليهما باشتراك اللفظ ، بحسب ما هو حدّ للنفس ، كما عرفت.
كلام مع المحقّق الطوسيّ وغيره
وحيث تحقّقت ما ذكرناه ، فاعلم أنّ ما ذكره بعضهم ـ كالمحقّق الطوسيّ في شرح الإشارات والتجريد ـ وتبعه فيه كثير من القوم في تحديد النفس من حيث هي نفس ، من أنّها كمال أوّل لجسم طبيعيّ آليّ ذي حياة بالقوّة (١) : حيث غيّروا قول الشيخ في الحدّ : «له أن يفعل أفعال الحياة» ، بقولهم : «ذي حياة بالقوّة».
__________________
(٢) في المصدر : وبالجملة كلّ ما يمكن.
(١) شرح التجريد / ٢١٩ ، للقوشجي ، طبع تبريز.