الأجسام يجب أن يكون فيها مبدأ الأحوال المعلومة المنسوبة إلى الحياة بالفعل» ـ الى آخر ما ذكره.
هذا جواب عن التشكّك من الوجه الثاني ، وحاصله ؛ أنّ المفهوم عند الجمهور من لفظة الحياة المقولة على الحيوان ليس معنى النفس ، نعم لو اصطلح أحد وسمّى مسمّى النفس بحياة ، فلا مناقشة معه ، وتحرير كلامه بحيث يتضمّن شرح نبذ من الدقائق التي يمكن أن تنفهم منه ، بأن يقال : وأمّا أمر الحياة والنفس والشكّ في ذلك بتجويز اتّحادهما ، فمثل الشكّ في ذلك ، أي حاله ، وكذا حال حلّه مبنيّ على الوجه الذي نقول : إنّه قد صحّ أنّ الأجسام يجب أن يكون فيها مبدأ الأحوال المعلومة المنسوبة إلى الحياة بالفعل ، يعني أنّ هاهنا مقدّمة حقّة بيّنة ممّا تقدّم ، هي أنّ الأجسام التي أثبتنا النفس لها ، أي النبات والحيوان والإنسان ، يجب أن يكون فيها مبدأ الأحوال المعلومة المنسوبة إلى الحياة بالفعل ، أي يجب أن يكون فيها نفس هي كمال أوّل لها ومبدأ لتلك الأفعال التي قلنا إنّها أفعال الحياة ونسبناها إلى الحياة على سبيل الإضافة إليها ، فالمتشكّك كأنّه بنى تشكّكه على أحد أمرين ينشئان من هذه المقدّمة :
الأوّل أنّه حيث رأى أنّه يضاف تلك الأفعال إلى الحياة ، ورأى أنّ كون النفس مبدأ لتلك الأفعال يستلزم إضافتها إلى النفس أيضا ـ أي القول بأنّها أفعال النفس وإضافتها إليها ـ رأى أنّ إضافتها إلى الحياة ينبغي أن تكون بالمعنى الذي هو المراد في إضافتها إلى النفس ، وحيث كانت إضافتها إلى النفس إضافة ظاهرة في المغايرة بين المضاف والمضاف إليه ، أي اللاميّة ، وفي كون المضاف إليه ـ أي النفس ـ مبدأ وسببا للمضاف ، أي تلك الأفعال ، وكون تلك الأفعال مستندة إلى النفس مسبّبة عنها ، إذ ليست تلك الأفعال عين النفس ، بل غيرها مستندة إليها.
فكذلك ينبغي أن تكون إضافتها إلى الحياة بهذا المعنى ، وإذا كانت بهذا المعنى ، فيكون النفس والحياة واحدة بالحقيقة ، عبّر عنها تارة بالكمال الأوّل ، وتارة بالنفس ، وتارة بالحياة ؛ حيث فرضت كلّ واحدة منهما مبدأ لتلك الأفعال بمعنى واحد ، والحال أنّه