يستغنون فيها عن معاونة جسم يكون موضوعا لتخيّلات لهم ، ولا يمتنع أن يكون ذلك جسما سماويّا أو ما يشبهه ، ولعلّ ذلك يفضي بهم آخر الأمر إلى الاستعداد للاتّصال المعدّ الذي للعارفين». انتهى.
وقد ذكرنا هنالك ما فيه من النظر ، فتذكّر.
ثمّ إنّك بعد ما أحطت خبرا بتفاصيل ما نقلنا عن الشيخ من الكلام في هذا الفصل وشرحناه ، وتبيّن لك مؤدّاه وتلخّص مغزاه ، فاعلم أنّ لنا فيه مضافا إلى النظرين اللذين أوردنا أحدهما على أوّل كلامه في هذا الفصل ، والآخر على آخر كلامه فيه ، نظرا آخر ، وهو أن يقال :
هب أنّ السعادة والشقاوة العقليّتين بحسب القوّة النظريّة والعمليّة حاصلتان للأنفس التي اكتسبت الشوق إلى كمالها الخاصّ بها كما فصّله الشيخ.
وهب أنّ ذلك أيضا ممّا نطق به الشرع وصدّقته أخبار النبوّة كما ادّعاه ، مثل ما ورد في شأن السعداء من قوله تعالى : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ). (١)
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم هناك : «ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر». (٢)
وقوله تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). (٣)
وقوله تعالى : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ). (٤)
وقوله تعالى : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً). (٥)
وقوله تعالى : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٦).
__________________
(١) السجدة (٣٢) : ١٧.
(٢) بحار الأنوار ٨ / ١٩١.
(٣) التوبة (٩) : ٧٢.
(٤) المائدة (٥) : ١١٩.
(٥) الفجر (٨٩) : ٢٧ ـ ٢٨.
(٦) يونس (١٠) : ١٠.