عن حال ابن سينا فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ ابن سينا أراد أن يترقّى إلى الرفيع الأعلى بدون قائد إرشادي وهدايتي ، فضربته بيدي فأسقطته إلى الأسفل الأدنى ، فتردّى وهوى.
في بيان حال النفوس بعد المفارقة عن البدن ، أي في
عالم البرزخ كما نطق به الشرع
وحيث انتهى الكلام إلى هذا المقام ، وتمّ ما رمنا ذكره على سبيل المقدّمة ، فلنرجع إلى ما كنّا بصدده من بيان حال النفوس بعد المفارقة عن البدن ، كما قال تعالى : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ). (١)
فنقول : روى حجّة الإسلام ورئيس المحدّثين أبو جعفر محمد بن عليّ بن بابويه القمّيّ قدّس الله تعالى روحه في كتاب «من لا يحضره الفقيه» عن الصادق عليه وعلى آبائه الطاهرين وأولاده المعصومين أكمل الصلوات وأفضل التسليمات والتحيّات : «إنّ الأرواح في صفة الأجساد في شجرة من الجنّة تتساءل وتتعارف ، فإذا قدمت الروح على الأرواح ، تقول : دعوها فقد أفلتت من هول عظيم ، ثمّ يسألونها ما فعل فلان؟ فإن قالت لهم تركته حيّا ارتجوه ، وإن قالت لهم : قد هلك ، قالوا : هوى هوى». (٢)
وروى شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ نوّر الله تعالى ضريحه في كتاب «تهذيب الأحكام» بإسناده عن مروان بن مسلم عنه عليهالسلام ، قال : قلت له : إنّ أخي ببغداد ، وأخاف أن يموت بها ، قال : ما تبالي حيثما مات ، أمّا إنّه لا يبقى مؤمن في شرق الأرض وغربها ، إلّا حشر الله تعالى روحه إلى وادي السلام. قال : قلت : جعلت فداك ، وأين وادي السلام؟ قال : ظهر الكوفة ، أمّا إنّي كأنّي بهم حلق حلق قعود يتحدّثون. (٣)
وعن يونس بن ظبيان ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام جالسا ، فقال : ما يقول الناس
__________________
(١) المؤمنون (٢٣) : ١٠٠.
(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٩٣ ، وفيه : ما فعل فلان؟ وما فعل فلان؟
(٣) تهذيب الأحكام ١ / ٤٦٦ (في أحكام الأموات) وفيه : ... أن يموت فيها ... لا يبقى أحد ... ولا في غربها ...