«يا من أظهر الجميل وستر القبيح» : إنّ للمؤمن مثالا في العرش ، وإنّه إذا فعل فعلا جميلا ، فعله ذلك المثال أيضا في حضور الملائكة فيظهره الله تعالى عليهم ، وإذا فعل فعلا قبيحا لم يقم بذلك القبيح ذلك المثال فيستره الله تعالى عنهم. (١)
فإنّ الظاهر ، أنّ ذلك المثال هو القالب المثاليّ الذي تعلّق به روح المؤمن لا أمر آخر ، ولا ملك من الملائكة كان بصورة ذلك المؤمن ، وحيث كان ذلك قالبا مثاليّا ، كان فيه شهادة على جواز تعلّق الروح في حالة اليقظة وفي حال التعلّق التامّ بالبدن العنصريّ بذلك البدن المثاليّ ، ولا امتناع في ذلك ، حيث إنّ البدن المثاليّ ليس كالبدن العنصريّ حتّى لا يجوز تعلّق الروح الواحد في زمان واحد بأكثر من بدن واحد ، بل هو كالظلّ والشبح للبدن الأصليّ العنصريّ ، وموجود بالعرض بوجود البدن الأصليّ ، وتعلّق الروح به وبالبدن الأصليّ تعلّق واحد ، إلّا أنّه بالبدن الأصليّ بالذات ، وبالمثاليّ بالعرض ، فعلى هذا فلا امتناع في أن يتعلّق النفس الواحدة مع تعلّقها بالبدن الأصليّ بالبدن المثاليّ الواحد أو الأكثر من الواحد. وهذا بخلاف تعلّقها ببدنين عنصريّين أو أكثر ، حيث إنّ أحدهما منفصل الذات ومباين الحقيقة عن الآخر ، فإنّه لا يجوز تعلّق النفس الواحدة في زمان واحد بشيئين مبايني الذات تعلّق التدبير والتصرّف.
وكذلك يشهد على الثاني من الأمرين ما ذكره بعضهم من أنّ البدن المثاليّ كالشبح الذي يرى في المرآة ، بل إنّ ما يرى في المرآة فهو كوّة مفتوحة إلى عالم المثال ، وكما جاز انطباع صورة واحدة في مرايا متعدّدة متكثّرة في زمان واحد ، فلم لا يجوز تعلّق روح واحد وخصوصا إذا كان مقدّسا شريفا بقوالب مثاليّة متعدّدة في زمان واحد؟
وبما ذكرنا يمكن توجيه ظواهر ما دلّ على ظهور ملك الموت في زمان واحد في أمكنة متكثّرة لقبض الأرواح ، وإن كان يمكن أن يكون له وجه آخر لم نعلمه. والله ورسوله وأولو العلم أعلم به.
وكذا توجيه ما قيل أنّ إلياس عليهالسلام هو إدريس النبيّ عليهالسلام ، وهو عليهالسلام مع كونه في السماء
__________________
(١) راجع بحار الأنوار ٥٤ / ٣٥٤ ومفتاح الفلاح ذيل دعاء «يا من أظهر الجميل» ، وشرح الأسماء للسبزواريّ / ٩١.