حتّى إذا تعلّقت به النفس المستنسخة لزم أن يجوز أن يتعلّق به نفسان.
ولا أن يكون إذا تعلّق به نفس لزم أن تكون تلك النفس في ضمنه بالقوّة ، حتّى يلزم انقلاب الفعليّة إلى القوّة ، بل يمكن أن يكون النفس باقية في ضمنه أيضا على فعليّتها الأوّلية الحاصلة لها في ضمن البدن العنصريّ كائنة كما كانت.
وكذلك حيث كان البدن المثاليّ ظلّا وشبحا للبدن العنصريّ وموجودا بالعرض بوجوده ، لا يلزم منه تعلّق النفس الواحدة تعلّق التدبير والتصرّف ببدنين متغايرين بالذات منفصلين بالحقيقة موجودين كلّ منهما بوجود منفرد ، فلا يلزم منه محال ، لأنّ المحال إنّما هو تعلّقها ببدنين منفصلين موجودين كلّ منهما بوجود على حدة بالذات.
فإن قلت : كيف يجتمع القول بعدم مادّة لذلك البدن المثاليّ مع القول بحدوثه؟ كما هو ظاهر بعض تلك الأخبار المذكورة ، مع أنّ المقرّر عند الحكماء أنّ كلّ حادث فمسبوق بمادّة.
قلت : إنّ القول بمسبوقيّة كلّ حادث بمادّة ، وإن كان ممّا قالته الحكماء ، إلّا أنّه ليس عليه دليل قطعيّ ، بل إنّ الدليل على حدوث العالم بجملته ـ كما هو إجماعيّ أهل الملل والأديان ، على ما قرّرناه في رسالة «حدوث العالم» ـ ينفي ذلك القول ، فإنّ هذا القول يستلزم القول بقدم العالم ، ولا أقلّ من قدم المادّة زمانا ، ومقتضى حدوث العالم بجملته حدوثا زمانيّا أو دهريّا كما قرّرناه هناك حدوث المادّة أيضا كذلك ، لأنّها من أجزاء العالم. بل نقول :
إنّه يمكن حدوث الحادث بمحض العلم بالأصلح والعناية الأزليّة المقتضية لحدوثه ، والمرجّحة لتخصّصه بزمان دون زمان ، سواء كان ذلك الحادث مجرّدا عن المادّة أو مادّيّا أو متوسّطا بينهما ، وحدوث البدن المثاليّ على تقدير القول به لعلّه من هذا القبيل ، حيث يجوز أن يكون اقتضى العلم بالأصلح حدوثه وتعلّق النفس به ، كيلا تكون معطّلة من جهة إدراكاتها البدنيّة. وأمّا تخصّص كلّ نفس ببدن مثاليّ ، فلعلّه كان وجهه مناسبة ما بين تلك النفس وذلك البدن المثاليّ المناسب لها من حيث صفاتها وحالاتها الموافق للبدن الأوّل العنصريّ في بعض الصفات والهيئات والحالات ، وإن لم نكن نعلم تلك المناسبة على