وقيل : يشبه أن يكون قوله عليهالسلام : «الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة» (١) ، وقوله عليهالسلام : «الأرواح جنود مجنّدة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف» (١) إشارة إلى هذا.
وأنت بعد التّدبّر فيما ذكرنا يظهر لك بطلان هذا المذهب ، وأنّ الخبرين وأمثالهما يمكن حملها على اختلاف بالصّفات والملكات ونحوها ؛ فتدبّر.
وأما القول بكون كلّ فرد من أفراد النفوس الإنسانيّة مخالفا بالماهيّة لسائر النّفوس حتّى لا يشترك اثنان منها في الحقيقة ، فالظاهر أنّه لم يقل به أحد. والله أعلم بالصّواب.
وأمّا الثاني ، فلأنّه لو كانت النّفس الإنسانيّة قبل التعلّق بالأبدان واحدة الذّات بالعدد ، فبعد حصول الأبدان.
أمّا أن تكون النّفس الواحدة بالعدد في بدنين مثلا فهذا ظاهر البطلان ، لأنّه يلزم حينئذ أن يكون نفس زيد بعينها نفس عمرو ، ونفس من اتّصف بالجبن والبخل بعينها نفس من اتّصف بالإسراف والتهوّر ، ونفس من اتّصف بالعلم بعينها نفس من اتّصف بالجهل ، فيلزم اجتماع الضّدّين ، وأن لا يخفى على زيد ما في نفس عمرو مثلا.
وأمّا أن تحصل في كلّ من البدنين نفس واحدة بالعدد ، أي أن تحصل في البدنين نفسان ، وتتكثّر النّفوس بحسب تكثّر الأبدان.
فهذا إمّا أن يكون ببطلان الواحدة الأولى وزوالها وحدوث النفوس المتكثّرة بحسب تكثّر الأبدان ، فهذا باطل.
أمّا أوّلا فلأنّه يستلزم زوال النّفس الأولى التي هي المجرّدة عن المادّة بالفرض ، وقد تقرّر عندهم أنّ المجرّد لا يجوز زواله كما عرفت ممّا ذكرنا سابقا في مبحث بقاء النّفس بعد خراب البدن. وأيضا يستلزم زوال القديم على تقدير أن تكون النّفس الواحدة الأولى قديمة ، كما هو مذهب بعض القائلين بوجود النّفس قبل البدن ، وهو ممتنع.
وأمّا ثانيا ، فلأنّه يستلزم حدوث النفس بحدوث البدن ، وهو خلاف الفرض على هذا التّقدير ، بل هو المطلوب.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ، ٤ / ٣٨٠ ، ط طهران ، (من الألفاظ الموجزة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم).