وهو ركن من أركان الإسلام ، وضروريّ في الدين المحمّديّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكذا في سائر الملل والأديان ، بحيث يكون منكره كافرا كما هو معلوم لكلّ من تديّن بالإسلام ، كما أشرنا في صدر الرسالة إلى ذلك ، وفي إقامة الدليل العقليّ عليه ، كما نطق به الشّرع.
وحيث كان ما نطق به الشرع منحلّا إلى أمرين :
أحدهما : إنّ للإنسان معادا في دار الآخرة التي هي دار الجزاء.
الثاني : أنّ ذلك المعاد جسمانيّ ، ومعناه عود الروح مرّة أخرى إلى البدن الأوّل للثواب والعقاب. فلنتكلّم في بيان الأمرين جميعا.
الأمر الأوّل
أنّ للإنسان معادا في دار الآخرة
فنقول : أمّا الأمر الأوّل ، فهو كما أنّه ممّا نطق به الشرع وأخبر به الصادقون عليهالسلام ويجب التصديق به ، وأنّه ممّا لا امتناع فيه عند العقل أيضا ، حيث إنّه أمر ممكن ، أخبر به الصادقون ، فيجب التصديق ، كذلك يؤيّده العقل ويدلّ عليه ، ولذلك صدّق به الحكماء الذين مدارهم في الأحكام على الدليل العقليّ ، إلّا أنّ بعضا منهم قصروا المعاد على الروحانيّ كما مرّ.
وذلك الدليل المؤيّد العقليّ كأن يقال : إنّا نعلم بالضرورة أنّ الله تعالى وعد المكلّف بالثواب على الطاعة ، وتوعّد بالعقاب على المعصية بعد الموت ، ولا يتصوّر الثواب