الإيضاح والاطمينان.
بيان الأمر الثاني من تلك الأمور الثلاثة
وأمّا بيان الأمر الثاني ، من هذه الأمور الثلاثة ، فيستدعي تمهيد مقدّمات :
منها : ما أسلفنا لك في مقدّمة الرسالة ، أنّ الشخص الإنسانيّ الذي نطق الشرع الشريف بمعاده وبعثه ، عبارة عن مجموع نفسه وبدنه ، وتحقيقه أنّه عبارة عن مجموع نفسه وبدنه ، بمعنى أنّه عبارة عن البدن المخصوص الذي تعلّق به نفس مخصوصة ، هي كالصورة الكماليّة له ، أو عبارة عن النّفس المخصوصة التي تعلّقت ببدن مخصوص هو آلة لكمالاتها وأفعالها وإدراكاتها ، وأنّ هويته وهذيّته إنّما هي بالتشخّص الحاصل لذلك المجموع ، أي للنفس والأجزاء الأصليّة من بدنه على ما مرّ تفسيرها في المقدّمة ، سواء كان المشخّص نحوا من الوجود الخاصّ الذي تتبعه العوارض التي تسمّى عوارض مشخّصة أو تلك العوارض نفسها ، على اختلاف المذهبين ، وأنّه لا مدخل للأجزاء الفضليّة من بدنه ، ولا لهيئته التركيبيّة الخارجيّة ، ولا لتأليفه المخصوص في هذيّة البدن الخاص ، ولا في هذيّة الشخص الإنسانيّ ، فلذا كان تبدّلها وتغيّرها غير قادح في تشخّص البدن وتشخّص الشخص. ويشهد عليه أنّا نعلم بالضرورة أنّ زيدا الشاب هو بعينه زيد الطفل ، وزيدا الشيخ هو بعينه زيد الشاب والطفل ، مع أنّا نعلم وقوع استحالات وتغيّرات في بدنه.
وبالجملة أنّا نعلم بالضرورة أنّ هويّة زيد وهذيّته باقية من أوّل عمره إلى انتهاه ، مع تبدّل خصوصيّات بدنه ، ولذلك كان في الشّريعة المقدّسة أنّ من جنى جناية استحقّ بها قتلا أو عقوبة ، وكان هو حين ما جنى تلك الجناية تامّ الخلقة ، ثمّ صار ناقصا في الخلقة أو كان مهزولا ثمّ سمن ، أو بالعكس ، ولم يرفع إلى الإمام عليهالسلام إلّا حين الحالة الثّانية ، فهو يجري عليه حدّ الله تعالى ، وليس ذلك ظلما عليه أصلا.
لا يقال : لعلّ بقاء الشخص بعينه في الحالات كلّها من أوّل العمر إلى منتهاه مستند إلى بقاء نفسه الباقية بشخصها في الحالات كلّها خاصّة كما ادّعاه بعض الحكماء ، من غير أن