بدنيّة وقوى حسّيّة البتّة ، وأنّ تلك الآلات والقوى لا تكون معطّلة البتة ، بل هي لأجل إدراك الثواب والعقاب الحسّيّين ، وجب أن يكون لها في ضمنه ذلك البتّة.
وبالجملة ، فيثبت بما بيّنّاه ما هو المقصود ، أي وجوب عود النفس إلى البدن الأوّل بعينه البتّة ، وكذا وجوب وقوع الثواب والعقاب الحسّيّين البتة كالعقليّتين ، وإن كان بيان تفاصيل الثّواب والعقاب الحسّيّين ووقوعهما على كيفيّات مخصوصة موكولا إلى الشرع الشريف ، إذ هو مبيّن فيه مفصّلا ، ولا استقلال للعقل في ذلك.
شكّ مع جوابه
ثمّ إنّه بقي هنا شكّ ينبغي التعرّض له ولجوابه.
بيان الشكّ : أنّه لقائل أن يقول : إنّ ما ذكرته من البراهين على هذا المطلوب لو كان صحيحا لأشكل عليك الأمر في حال النفس الإنسانيّة في عالم البرزخ ، إذ عندك أنّ النفس في ذلك العالم هي بعينها تلك النفس الأولى ، وأنها تكون فيه موردة للثواب والعقاب الحسّيّين ، كما أنّها تكون موردة للثواب والعقاب العقليّين ، والحال أنّها في ذلك العالم غير متعلّقة أصلا بالبدن الأوّل الذي قلت أنّه جزء للشخص وله مدخل في تشخّص الشخص وتشخّص النفس ، واذ ليست هي متعلّقة فيه به بل متعلّقة ببدن مثاليّ هو غير البدن العنصريّ الأوّل ، فلا تكون لها فيه ذلك التشخّص ، ولا تلك القوى والمراتب البدنيّة ، ولا الحواس والمشاعر البدنيّة ، ولا الهيئات البدنيّة التي ادّعيت أن لها دخلا في تشخّص النفس وتميّزها.
فحينئذ يردّ عليك جميع ما أوردته من الإشكالات على تقدير القول بعود النفس في القيامة في ضمن بدن عنصريّ مغاير للبدن الأوّل سواء بسواء ، ويجب عليك التفصّي من هذه الإشكالات ، إمّا المصير إلى أنّ البدن العنصريّ الخاصّ الأوّل ليس له دخل في تشخّص النفس وتميّزها أصلا ، ولا هو جزء للشخص الإنسانيّ ، وأنّ المستحقّ لوصول الثواب والعقاب إليه هو النفس وحدها ، والبدن لا مدخل له في ذلك ، بل هو كالآلة كما قاله