المطلب الأوّل
في الإشارة إلى دفع شبهات المنكرين للمعاد الجسمانيّ
اعلم أنّ لهم شبها دعتهم إلى إنكاره.
منها ـ أنّه يلزم منه إعادة المعدوم ، وهي ممتنعة.
وهذه الشّبهة قد مرّت الإشارة إليها في المقدّمة وإلى جوابها فيها ، وكذا في هذا الباب الخامس ، إذ قد عرفت أن ليس في المعاد الجسمانيّ ـ على ما قررناه ـ إعادة معدوم بعينه من جهة ما هو معدوم بعينه حتّى تكون ممتنعة ، ولا يحتاج في الجواب عنها إلى تجويز إعادة المعدوم كما جوّزها المتكلّمون ، حتّى يكون مخالفا لما اقتضاه العقل.
ومنها ـ أنّه يلزم منه مفسدة التناسخ.
وهذه الشبهة أيضا قد مرّت الإشارة إليها فيما تقدّم ، وخصوصا في هذا الباب الخامس مع الجواب عنها ، إذ قد عرفت أنّه ليس يلزم منه على الوجه الذي قرّرناه مفسدة التناسخ المحال ، فتذكّر.
ومنها ـ أنّ الإعادة لا لغرض عبث لا يليق بالحكيم ، والغرض إن كان عائدا إليه كان نقصا له ، فيجب تنزيهه عنه ، وإن كان عائدا إلى العبد ، فهو إن كان إيلامه فهو غير لائق بالحكيم الجواد ، وإن كان إيصال لذّة ، فاللّذّات ـ سيّما الحسّيّات ـ إنّما هي دفع آلام ، كما بيّنه الحكماء والأطبّاء في كتبهم ، فيلزم أن يؤلمه أوّلا حتّى يوصل إليه لذّة حسّيّة ، فهل يليق هذا بالحكيم؟ مثل من يقطع عضو أحد ، ثمّ يضع عليه المراهم ليلتذّ به.
وهذا الشبهة أيضا قد مرّت الإشارة إليها في الباب الرابع مع الجواب عنها مفصّلا ، فتذكّر.