مَقْضِيًّا) (١). وقال : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) (٢) ، فإن العدل بين المرأتين في المحبّة والوقوف على درجة متوسطة لا ميل فيه صراط الآخرة من غير ميل. وجاء في الحديث : «يمر المؤمن على الصراط كالبرق الخاطف» (٣) انتهى كلامه ، ومثله كلام بعضهم.
الصراط الدنيويّ
وأقول : لا يخفى عليك بعد التدبّر فيما ورد في الشرع من الآيات والأحاديث أنّ الصراط صراطان : دنيويّ وأخرويّ.
أمّا الدنيويّ ، أي الصراط المستقيم الذي ورد به الشرع ، فقد قال كثير من أهل الشرع إنّه هو التوحيد ، لأنّه الصراط الذي كان عليه جميع الأنبياء والأولياء ، وبعثوا كلّهم لأجل دعوة الخلق إليه ، وكذا لأجل منع العباد عن الميل إلى أحد طرفيه ، أي إلى يمينه أو شماله ، أي الشرك الجليّ والخفيّ ، كما ورد في الخبر أنّ اليمين والشمال مضلّتان (٤). وقالوا : إنّه يشهد بذلك آيات وأخبار ، كما قال تعالى :
(وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) (٥).
وقال : (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٦).
__________________
(١) مريم (١٩) : ٧١.
(٢) النساء (٤) : ١٢٩.
(٣) بحار الأنوار ٩٤ / ٥١.
(٤) عوالي اللئالى ٤ / ١١٠ ، وفيه : مضلّة.
(٥) الشورى (٤٢) : ٥٢ ـ ٥٣.
(٦) الأنعام (٦) : ١٦١.