وبما ذكرنا يظهر لك أنّه لا امتناع في أن يكون الصّراط الأخرويّ مظهرا للصّراط المستقيم الدّنيويّ كما ذكرنا. وكذلك يظهر سرّ الحديث الذي رواه ابن بابويه ، من أنّه قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ عليهالسلام : يا عليّ إذا كان يوم القيامة» (١) الحديث.
حيث إنّ معرفة عليّ عليهالسلام وولايته وانقياده والاقتداء بطريقته هو الصّراط المستقيم ، فيكون من استقام عليه ولم ينحرف عنه ولم يمل إلى ولاية غيره من أئمّة الضلالة ، يعطى له براءة وجواز يمرّ به على ذلك الجسر الممدود ، ومن كان بالعكس كان بالعكس ، كما قال تعالى : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) (٢).
وفّقنا الله تعالى وسائر المؤمنين للاستقامة على صراط عليّ والاهتداء بهداه ، فإنّه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
الأعراف والسّور
ومنها الأعراف والسّور ، قال تعالى : (وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ* وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٣) ، وقال : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) (٤).
وقال الطّبرسيّ رحمهالله في الجوامع ، في تفسير الآية الأولى : «وبين الجنّة والنار ، أو بين أهليهما حجاب ، أي ستر ونحوه ، فضرب بينهم بسور. وعلى الأعراف ، أي وعلى أعراف الحجاب ، وهو السّور المضروب بين الجنّة والنّار ، وهي أعاليه جمع عرف مستعار من عرف الفرس والدّيك ، رجال. الصادق عليهالسلام الأعراف : كثبان بين الجنّة والنّار يوقف عليها كلّ نبيّ وكلّ خليفة نبيّ مع المذنبين من أهل زمانه ، كما يقف صاحب الجيش مع الضّعفاء
__________________
(١) مرّ الحديث بأسره نقلا عن الاعتقادات للشيخ الصدوق (ره) ، فراجع.
(٢) هود (١١) : ١١٣.
(٣) الأعراف (٧) : ٤٦ ـ ٤٧.
(٤) الحديد (٥٧) : ١٣.