وزن الأعمال ومقابلتها بالجزاء إنّما يكون بميزان البتّة ، وهو إمّا الميزان الحسّيّ أو العقليّ.
وقد ذكر بعضهم أنّ المراد بالميزان تقابل الحسنات من أهل الطّاعة بسيّئاتهم ، ليظهر الرجحان أو التساوي ، وهذا مع رجوعه إلى السّابق باعتبار يتضمّن معنى آخر ، هو الموازنة التي قال بها بعض المتكلّمين ، وأبطلها بعض العلماء منّا. ولنا في تحقيق القول بها وفي إبطال الإحباط والتكفير كلام مبسوط ذكرناه في «تنقيح المرام في شرح تهذيب الأحكام» (١) ، من أراد الاطّلاع عليه فليرجع إليه.
وكيفما كان ، فالميزان بأيّ معنى من تلك المعاني المتقدّمة ، أمر ممكن في ذاته قد أنبأ عنه الشرع ، فيجب الإيمان به.
الحساب
فمعناه جمع تفاريق المقادير والأعداد وتفريق مبلغها لكي يظهر كيفيّة الحال ، وهو في القيامة عبارة عن حصر آثار الحسنات والسيّئات وجمعها حتّى يجزى أهل الحسنات جزاء حسناتهم ، وأهل السيّئات جزاء سيّئاتهم ، وكما أنّ ذلك أمر ممكن في ذاته ، كذلك يمكن في جنب قدرة الله تعالى البالغة أن يكشف في لحظة واحدة وساعة واحدة للخلائق حاصل حسناتهم وسيّئاتهم ، ولا يشغله حساب أحد عن حساب الآخر ، ويفرغ في تلك اللحظة والسّاعة عن حساب الأوّلين والآخرين وهو أسرع الحاسبين.
وأمّا بيان كيفيّة وقوع الحساب وبيان المتولّي له ، وبيان من يقع عليه الحساب ، وما يحاسب به ، ويسأل عنه ، فقد عرفته على سبيل الإجمال ممّا نقلنا عن الشيخ ابن بابويه رحمهالله من المقال ، فتذكّر.
إلّا أنّ قوله أوّلا بوقوع الحساب على كلّ أحد ، حتّى الأنبياء والأوصياء عليهالسلام ، وقوله أخيرا : إنّ من الخلق من يدخل الجنّة بغير حساب ، يتراءى أنّه كونهما متنافيين ظاهرا.
ولعلّ وجه رفع التنافي كما يظهر من كلامه ، أنّ معنى وقوع الحساب على الكلّ أنّ
__________________
(١) نسخة منه موجودة في مكتبة مدرسة المروي بطهران.