العقبات
ثمّ إنّ من جملة تلك الأحوال والأمور الكائنة يوم القيامة ، بل فيما بعد الموت «العقبات» ، وقد دلّ عليه الشّرع. روى الشيخ ابن بابويه ، في «الفقيه» عن الصّادقعليهالسلام أنّه قال : إنّ بين الدنيا والآخرة ألف عقبة ، أهونها وأيسرها الموت. (١)
وذكر صدر الأفاضل في الشّواهد «أنّه روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أنّه سئل عن قوله تعالى : (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) (٢) فقال : إنّه جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثمّ يهوي فيه كذلك أبدا. وقال أيضا : يكلّف أن يصعد عقبة في النّار ، كلّما وضع يده عليها ذابت ، وإذا وضع رجله ذابت ، فإذا رجعها عاقت (عادت خ) ويهوي فيه إلى أسفل سافلين» (٣) ، انتهى.
وقد ذكر العلماء في الحديث الأوّل وجوها :
فقال بعضهم : إنّ تلك العقبات عبارة عن الآلام والغموم والحسرات الكثيرة الحاصلة للإنسان بفعل أعمال الشرّ أو ترك أعمال الخير ، سواء خصّصنا الشّرّ بالمحرّمات والخير بالواجبات ، وسواء عمّمنا الشرّ بحيث يشمل المكروهات ، والخير بحيث يشمل المستحبّات أيضا ، حيث إنّه يلحقه بعد كشف الغطاء عنه بترك كلّ واجب بل مستحبّ ، وكذا بفعل كلّ حرام ، بل مكروه أيضا ، ألم وحسرة وندامة ، فإنّ الألم الحاصل له لأجل كلّ واحد منها هو عقبة على حيالها.
وقال بعضهم : إنّها عبارة عن الآلام والحسرات التي تحصل للنّفس الإنسانيّة بسبب قطع تعلّقها عن البدن وأجزائه وعن الأهل والمال والعشائر والإخوان والأحبّاء والأصدقاء ونحو ذلك من موجودات النّشأة الدّنيويّة التي كان لها تعلّق بها ، فإنّ الألم الحاصل لها بسبب قطع التّعلّق عن كلّ واحد واحد ، هو عقبة واحدة من تلك العقبات.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٣٤.
(٢) المدّثر (٧٤) : ١٧.
(٣) الشواهد الربوبيّة / ٣٠١ ـ ٣٠٢ وفيه : ... كلّما وضع يده عليها ذابت ، فإذا رجعها عادت ، وإذا وضع رجله ذابت ، فإذا رفعها عادت ، ويهوي ...