فإنّه إذا جاز أن يكون الصّراط المستقيم الذي هو الدّين القويم ، وعبارة عن مجموع ما أتى الشّارع به من الأوامر والنواهي والأعمال والأفعال والعقائد ممثّلا في الآخرة بصورة الجسر الممدود على متن جهنّم ، كما تحقّقت القول فيه سابقا ، كذلك يجوز أن يكون كلّ جزء من أجزاء الصراط المستقيم ممثّلا في القيامة بصورة عقبة من تلك العقبات ، فيكلّف العبد بالمرور عليها والعبور منها ، ويكون مرور من أتى بحقّ ذلك الجزء منه حقّ الإتيان بسهولة ، ومرور من قصّر فيه بصعوبة.
إلّا أنّ فيما ذكره رحمهالله شيئا أيضا ، وهو أنّه يدلّ على أنّ كلّ تلك العقبات الواردة في الشّرع إنّما هي على الصّراط ، وقد عرفت ، أنّ الحديث الأوّل يدلّ على أنّها تكون فيما بين الدّنيا والآخرة ، حتّى في عالم البرزخ أيضا ، وكذلك ما نقله صدر الأفاضل من الحديث النبويّ يدلّ على كونها في جهنّم أيضا. والله تعالى يعلم.
الحوض
ومن تلك الأمور الحوض ، وهو أيضا ممّا ورد الشّرع به ويجب التّصديق له.
قال ابن بابويه رحمهالله في اعتقاداته : «اعتقادنا في الحوض أنّه حقّ ، وأنّ عرضه ما بين أبلّة وصنعاء ، وهو حوض النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّ فيه من الأباريق عدد نجوم السّماء ، وأنّ الوليّ (الساقي خ) عليه يوم القيامة أمير المؤمنين عليهالسلام ، يسقي منه أولياءه ، ويذود عنه أعداءه ، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا. وقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ليختلجنّ قوم من أصحابي دوني وأنا على الحوض ، فيؤخذ بهم ذات الشّمال ، فأنادي : يا ربّ أصحابي أصحابي ، فيقال لي إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (١) ، انتهى.
__________________
(١) الاعتقادات / ٨٥.