المطلب الثّالث
في بيان أصناف الناس وبيان أحوالهم في الجملة في القيامة
وفي كيفيّة خلود أهل الجنّة في الجنّة وأهل النّار في النّار
قال الله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً* فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ* وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (١) الآيات.
وقال : (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ* وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ* فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ* وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ* وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) (٢).
وقال تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (٣) الآيات.
وذكر صاحب الكشّاف في تفسير الآية الاولى : أنّ معنى قوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) : وكنتم أصنافا ثلاثة ، يقال للأصناف التي بعضها مع بعض أو يذكر بعضها مع بعض أزواج. وأنّ أصحاب الميمنة الذين يؤتون صحائفهم بأيمانهم ، وأصحاب المشأمة الذين يؤتونها بشمائلهم ، أو أصحاب المنزلة السنيّة وأصحاب المنزلة الدنيّة ، من قولك : فلان منّي باليمين وفلان منّي بالشّمال ، إذا وصفتهما بالرّفعة عندك والضّعة. وذلك لتيمّنهم بالميامن وتشؤّمهم بالشّمائل ، ولتفؤّلهم بالسّانح وتطيّرهم من البارح. ولذلك اشتقّوا لليمين الاسم
__________________
(١) الواقعة (٥٦) : ٧ ـ ١١.
(٢) الواقعة (٥٦) : ٨٨ ـ ٩٤.
(٣) فاطر (٣٥) : ٣٢.