وورد في الأخبار عن أهل البيت الأخيار صلوات الله عليهم اختلاف في أحوال هؤلاء ، ليس هنا مقام ذكرها ، ولعلّها تؤول إلى هذا» انتهى كلامه رحمهالله.
وأقول : لا يخفى عليك أنّ هذا الفاضل ، وإن بذل مجهوده في تفصيل أصناف الأمم وحصرها وبيان حال كلّ قسم وصنف ، إلّا أنّ في بعض ما ذكره تأمّلا ونظرا ، كما يظهر ذلك على من تأمّل ونظر في الأخبار الواردة في هذا المطلب. والله أعلم بحقيقة الحال ، وإليه المرجع والمآل.
في بيان خلود أهل الجنّة في الجنّة وأهل النّار في النّار
ثمّ إنّه لا يخفى عليك أنّه قد ورد في الشرع آيات كثيرة وأخبار عديدة دالّة على خلود أهل الجنّة في الجنّة ، وأنّ الجنّة ولذّاتها وخيراتها دائمة بأهلها ، وكذا على خلود أهل النار في النّار ، وأنّ الجحيم وآلامها وشرورها دائمة بأهلها. ولا خلاف أيضا بين المسلمين في الأوّل ، وإن وقع الخلاف بينهم في الثّاني.
قال المحقّق الطوسيّ رحمهالله في التجريد : «والكافر مخلّد ، وعذاب صاحب الكبيرة منقطع لاستحقاق الثواب بإيمانه ولقبحه عند العقلاء ، والسمعيّات متأوّلة ، ودوام العقاب مختصّ بالكافر». (١)
وقال الشارح القوشجيّ في شرحه : «اتّفق المسلمون على أنّ عذاب الكفّار المعاندين دائم لا ينقطع ، والكافر المبالغ في الاجتهاد الذي لم يصل إلى المطلوب ، ذهب الجاحظ والعنبريّ أنّه معذور ، لقوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٢) ولأنّ تعذيبه مع بذله الجهد والطّاقة من غير تقصير قبيح عقلا.
وذهب الباقون إلى أنّه غير معذور ، وادّعوا الإجماع عليه قبل ظهور المخالفين. قالوا : كفّار عهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الذين قتلوا وحكم بخلودهم في النار ، لم يكونوا عن آخرين
__________________
(١) شرح التجريد للقوشجيّ / ٤٢٠ ـ ٤٢١ وفي لفظه : ... وعقاب صاحب ...
(٢) الحجّ (٢٢) : ٧٨.