هذه متذكّرة شيئا منها ولا تكون النفس المستنسخة المنتقلة إلى الإنسان الذي هو أكمل منها أو أشرف متذكّرة لشيء منها أصلا؟
بل ربّما يقال : إنّ النفس الإنسانيّة المستنسخة المنتقلة إلى الجماد أو النبات أو الحيوان كما أنّها لا تبقى لها تلك الفعليّة ، لا تكون لها قوّة واستعداد أيضا للإنسانيّة ولو بعيدا ، إلّا أنّه حينئذ لا يكون المحال اللازم على تقدير جواز ذلك صيرورة الفعليّة قوّة ، إذ لا قوّة أيضا على هذا ، بل يكون ذلك المحال انتفاء الفعليّة رأسا من دون انقلاب إلى القوّة أيضا ، وانتفاء الفعليّة رأسا مع كون محلّ تلك الفعليّة ـ وهو جوهر تلك النفس المستنسخة ـ باقيا بعينه ، ومع عدم طروء شيء ينافي تلك الفعليّة من طروء ضدّ ونحو ذلك ، محال قطعا.
وبعبارة أخرى : صيرورة النفس المستنسخة الباقية بعينها نفسا ساذجة محضة بعد أن كانت لها فعليّة ما محال قطعا.
لا يقال : ما ذكرت من عدم طروء المنافي للفعليّة هنا ممنوع ، إذ ربّما كان المنافي لها هو أحد من الأمور التي جعلها بعضهم منافيا للتذكّر ، كما ذكرت آنفا.
لأنّا نقول : قد عرفت أنّ القول به من الخرافات.
دليل آخر
ثمّ إنّه من جملة الدلائل على بطلان التناسخ بالمعنى المتنازع فيه ما ادّعاه بعض علمائنا ـ كما سننقل كلامه في مبحث انتقال الأرواح بعد مفارقتها عن الأبدان إلى الأبدان المثاليّة ـ أنّه انعقد إجماع المسلمين قاطبة على بطلانه ، بل صار بطلانه ضروريّا من الدين. وهذا الادّعاء لو ثبت لكان هذا الدليل من أعظم الدلائل على بطلانه. والله أعلم بالصواب.
ثمّ إنّه بما ذكرنا تمّ الدليل على بطلان التناسخ وأخواته ، فلنرجع إلى صوب المقصد الآخر فنقول :