مخصوصا بها من دون مشاركة البدن ومعاونته لها في ذلك ، وقد فرض أنّها فارقت البدن ، فلم يكن لها اكتساب تلك الملكة ثانيا حتّى يمكن لها الاستكمال مرّة أخرى ، وزوال ما هو سبب لهذا الشقاء ، ويتيسّر لها انقطاعه مع ظهور أنّ حصول العلم بتلك المعلومات التي فقدت النفس العلم بها ، ليس ضروريّا حتّى يحصل لها العلم بها مرّة أخرى ويزول عنها الشقاء ، فإنّه لو كان ضروريّا بعد الموت ، لكان ضروريّا حين كونها في البدن أيضا ، فكان حاصلا ، والمفروض خلافه.
في أصناف الناقصين بحسب القوّة النظريّة
ثمّ إنّ هؤلاء الناقصين الذين تكون لهم هذه الشقاوة الأبديّة ، بحسب الجليل من النظر صنفان :
صنف هم مقصّرون عن السعي في كسب الكمال الإنسيّ ، أي في كسب الكمال الخاصّ بالنفس الإنسانيّة ، وهذا بإطلاقه شامل للمعرضين والمهملين جميعا.
أمّا المعرضون فهم الذين كان تقصيرهم ذلك بسبب أنّهم مع اكتسابهم للتشوّق إلى ذلك الكمال. ومعرفتهم باكتسابهم النظريّ القاصر أنّ لهم كمالا خاصّا بهم ، لم يشتغلوا باكتسابه ، فلم يكتسبوه ولا اكتسبوا ما يضادّ ذلك الكمال أيضا ، إلّا أنّهم اشتغلوا بما يصرفهم عن اكتساب الكمال ، ممّا ليس بمضادّ له كبعض الأمور الدنيويّة ، فصاروا معرضين عنه مقصّرين فيه.
وأمّا المهملون فهم الذين كان تقصيرهم ذلك بسبب أنّهم مع اكتسابهم لذلك التشوق لم يشتغلوا لا بكسب الكمال ولا بكسب ما يضادّه وتكاسلوا في اقتناء الكمال ، فصاروا مقصّرين فيه ، سواء تكاسلوا في اقتناء غير الكمال أيضا مطلقا ، أم لم يتكاسلوا فيه بل اشتغلوا في الجملة بما ليس بمضادّ له ولا بصارف عنه من الأمور الدنيويّة.
وصنف هم المعاندون الجاحدون المتعصّبون لآراء فاسدة مضادّة للآراء الحقّة ، وهذا أيضا بإطلاقه يشمل ما إذا كانت تلك الآراء الفاسدة سفسطيّة أو مشاغبيّة أو جدليّة ، سواء