اختلاف معنى الموادّ بل لا بدّ وان يكون مستندا إلى الهيئات.
فنقول : الصيغ المبالغة كالبكّاء والأكول ونحو ذلك لم توضع للمتلبس بالأكل أو البكاء الفعلي ، وانما هي موضوعة للمنتسب إلى كثرة المادة من البكاء ونحوه ، فمعنى البكّاء الّذي إذا بكى بكى كثيرا ، والأكول هو الّذي إذا أكل أكل كثيرا ، وزوال هذا الانتساب ليس بزوال الفعل ، بل يكون بزوال ذاك الانتساب ، فإذا عرض له عارض لا يبكي بعد ذلك كثيرا أو لا يأكل كثيرا. يقع النزاع في ان إطلاق البكّاء أو الأكول عليه بعد ذلك حقيقي أو مجازي؟
واما اسم الآلة كالمفتاح فهو موضوع لما انتسب إليه المادّة بالنسبة الآلية وواقع في طريق حصول المادّة ، ففعلية ذلك انما يكون بتمامية صنع الآلة ولو لم يستعمل في تحصيل المادّة بعد ، وزواله يكون بزوال البتة لذلك ، ولذا يطلق المفتاح على الآلة قبل ان يستعمل في الفتح.
واما مثل القاضي والتاجر وأمثال ذلك فالهيئة فيها موضوعة لما أسند إليه المادة صدورا ، وكيفيّة الانتساب مختلفة ، فربما تكون بالاتصاف بالفعل ، وربما تكون بالاتصاف الشغلي الفعلي ، وربما يكون بالاتصاف المنصبي إلى غير ذلك بحسب اختلاف الموارد.
فكيفيّة الانتساب مستفادة من ذلك لا من المادّة ، فزوال الانتساب المنصبي لا يكون إلّا بزوال المنصب اما شرعا أو عرفا ، كما ان ثبوته لا يكون بفعلية الحكم ، وانما يكون بفعلية المنصب.
وبالجملة فجميع المشتقات داخلة في محل البحث ، ويلحق بها بعض الجوامد أيضا.