المراد بالحال في محل النزاع :
ثم ما المراد بالحال المأخوذ في محل النزاع؟
ذكر في الكفاية (١) انه ليس المراد منه حال النطق وانما المراد منه حال التلبّس بالنسبة ، ضرورة ان مثل «كان زيد ضاربا أمس» أو «سيكون ضاربا غدا» حقيقة إذا كان متّصفا بذلك في ذاك الزمان واقعا وإلّا فيكون مجازا ، ثم قال : ولا ينافي ما ذكرناه ما ادعي من الاتفاق على ان «زيد ضارب غدا» مجاز ، وذلك لأن المراد منه ما إذا كان الإسناد بالفعل ويكون لفظ غد قرينة على زمان التلبّس.
ونقول : كلامه غير خال عن التشويش ، اما ما ذكره من الاتفاق على ان «زيد ضارب غدا» مجاز فهو أول الكلام ، ولم ينقل ذلك إلّا عن العضدي ، بل الصحيح ان ذلك الاستعمال غلط أصلا ، لأن القيد في الجملة يرجع إلى المحمول أعني الضارب ، ولا معنى لحمل الضارب غدا على الذات فعلا ، واما بيان صدور الضرب عن زيد في الغد فلا بدّ من ان يكون بتعبير آخر غير هذا.
واما ما ذكره في المثالين من ان المشتق بهما حقيقة إذا كان الاتصاف متحققا في ظرفه وإلّا فيكون مجازا.
ففيه : ان الاتصاف الحقيقي وعدمه لا يكون مناطا للحقيقة أو المجاز بل يكون ذلك ميزانا للصدق والكذب ، فحمل الضارب على زيد والأخبار بذلك في المثالين يكون صدقا على فرض تحقق النسبة وكذبا على تقدير عدمه ، وأما الاستعمال فحقيقي في ما وضع له على التقديرين ، ويجري ذلك في الجوامد أيضا ، مثلا لو قيل : «الإنسان جماد بعد موته» فان كان الأمر كذلك واقعا فالإخبار صدق وإلّا كذب ، وعلى التقديرين لفظ الجماد حقيقة لكونه مستعملا في معناه الحقيقي ، وهذا
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٦٦.