جريانه من ترتيب أثر عملي عليه ، ولا أثر لذلك في المقام إلّا إذا كان المكلف ناذرا بشيء لو كان المشتق حقيقة في المتلبس أو في الأعم.
فالصحيح : انه ليس في هذه المسألة اللغوية أصل عملي. فلا بد فيها من الرجوع في موردها إلى الأصل الجاري في الحكم الفرعي ، فنقول : ذكر في الكفاية (١) ان مقتضى الأصل العملي في الحكم الفرعي يختلف في المقام ، فان كان المورد حين تعلق الحكم بالمشتق متلبسا بالمبدإ ثم زال عنه الاتصاف فيرجع فيه إلى الاستصحاب ، لأن الشك فيه يكون شكّا في ارتفاع الحكم بعد ثبوته سابقا بسبب زوال المبدأ ، فيستصحب ذلك ، وهذا بخلاف ما إذا لم يكن متلبسا حين صدور الحكم بل كان منقضيا عنه المبدأ حينئذ ، فلا مجال للاستصحاب ، فلا بدّ من الرجوع إلى البراءة.
ونقول : اما الرجوع إلى البراءة في الفرض الثاني فلا كلام لنا فيه ، وأما الرجوع إلى الاستصحاب فان أريد منه الاستصحاب الحكمي فبناء على تسليم جريانه في الأحكام ففي خصوص المقام لا يجري ، وذلك لأنه يعتبر في جريانه إحراز اتحاد القضية المتيقّنة والمشكوكة عرفا ، وإلّا فيكون صدق عنوان نقض اليقين بالشك مشكوكا ، فالشبهة تكون مصداقية ، ولا يمكن الرجوع فيها إلى عموم العام.
ومن الواضح ان الموضوع في قولك «أكرم العلماء» بنظر العرف انما هو عنوان العالم لا ذاته ، وبزوال العلم ينتفي الموضوع جزما ولا أقل من احتماله ، ونظير هذا في الجوامد ما إذا وقع الكلب في المملحة فصار ملحا فلا يمكن التمسك فيه باستصحاب النجاسة ، فان موضوعها كان عنوان الكلب لا ذاته ، وهو منتف يقينا ، والموجود الفعلي وهو الملح لم يكن محكوما بالنجاسة أصلا ، فبقاء العنوان الّذي هو الموضوع
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٦٨.