واما تغاير المبدأ والذات فلا ملزم له أصلا ، ولذا يقال : الضوء مضيء ، والنور منير ، والوجود موجود ، إلى غير ذلك ، مع اتحاد المبدأ مع الذات فيها مثلا.
ثم انه يرد على هذه الموارد إشكال آخر من جهة استحالة تحقق النسبة بين الشيء ونفسه ، وسيظهر دفعه بما نذكره في التنبيه الخامس في صدق المشتق.
وذكر في الكفاية (١) انه مبدأ لعدم اعتبار قيام المبدأ بالذات ، ولذا يطلق الضارب والمؤلم على الفاعل ، مع ان قيام الضرب والألم يكون بالمضروب والمؤلم.
وفيه : انّ هذا بديهي الفساد ، وإلّا فلما ذا يطلق الضارب على من صدر عنه الضرب ولا يطلق على غيره وهكذا المؤلم ، فلو لم يكن التلبس بالمبدإ معتبرا في صدقه لزم صحة إطلاق مثله على كل شخص ، مع انه بديهي الفساد ، فالتلبس معتبر في صدقه غاية الأمر انّ أنحاء القيام مختلفة ، قيام صدور ، أو حلول ، أو وقوع عليه أو فيه وبه ، أو غير ذلك.
ثم انّ صاحب الفصول (٢) حيث اعتبر تحقق القيام والتلبس في المشتق أشكل عليه الأمر في إطلاقها على ذاته تعالى في صفات الذات كالعالم والقادر ، حيث لا معنى لتحقق النسبة بين الشيء ونفسه ، فبناء على ما هو الحق من عينية صفاته ليس هناك اثنينية ليعقل التلبس والنسبة ، فالتزم بالمجاز فيها.
وذكر في الكفاية وتبعه المحقق النائيني انّ لازمه تعطيل العقل عن الإدراك وكون هذه الأذكار مجردة لقلقة اللسان (٣). وهذا الكلام مأخوذ مما ذكره السبزواري في حاشية منظومته في مقام الاستدلال على اشتراك الوجود بين الواجب والممكن من انه يطلق الموجود على ذات البارئ.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٨٦.
(٢) الفصول ـ ص ٦٢.
(٣) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٨٤.