التنبيه الرابع
ذكر في الفصول (١) انه يعتبر في صدق المشتق على الذات حقيقة تلبسها بالمبدإ ، وإلّا فيكون الجري مجازا ، وأورد عليه في الكفاية (٢) بأنّ إطلاق المشتق على غير المتلبس يكون من قبيل المجاز في الإسناد لا في الكلمة كما في قولك : جرى الميزاب.
وذكر المحقق النائيني (٣) انّ ذلك مبني على بساطة المشتق وتركبه ، فعلى الأول يكون المجاز اللازم في الإسناد ، وعلى التركب يكون في الكلمة ، وذلك لأنّ المشتق على الثاني يكون مشتملا على نسبة ناقصة هي نتيجة النسبة التامة الخبرية ، لأنّ الأخبار بعد العلم بها أوصاف ، فإذا فرضنا انّ اسناد الجري إلى الميزاب بقولك «جرى الميزاب» كان مجازا في الإسناد فإطلاق الجاري على الميزاب المشتمل على نتيجة ذلك الإسناد المجازي أيضا يكون مجازا. ثم ذكر انّ الصحيح هو كون التركب ثابتا بالتحليل العقلي ، وإلّا فالمفهوم الابتدائي من المشتق انما هو امر بسيط.
ونقول : لا وجه لشيء مما ذكراه ، بل لا بد وان يفهم مراد الفصول ، فان أراد من الجري والصدق ما هو ظاهر العبارة أعني توقف مصداقيّة الشيء للمشتق على تلبّسه بالمبدإ حقيقة ، فالأمر كذلك ، إذ الجاهل بالضرورة لا يكون مصداقا للعالم ، وان أراد منه الاستعمال والحمل بمعنى انّ إطلاق المشتق على غير المتلبس مجاز ، ففيه : انّ الحقيقة والمجاز تابع لإرادة المتكلم ، فان أراد من اللفظ ـ مشتقا كان أو
__________________
(١) الفصول ـ ص ٦٢.
(٢) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٨٨.
(٣) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٨٥.