جزء في الخارج وينصرم ، ثم يوجد جزء آخر ، بخلاف الكلمات النفسيّة ، فانّ جميعها موجودة في النّفس عرضا نظير من نظر إلى مكتوب دفعة.
وقد استدلوا على ذلك بأمور.
منها : ما يرى في العرف من انه يقول أحد لآخر انّ في نفسي كلام لا أحب أن أبديه.
ومنها : انّ ناظم القصيدة لا بدّ له من نظم القصيدة في نفسه ، وإلّا فلا تتحقّق الألفاظ في الخارج منظمة.
وفيه : انّ ما يكون في النّفس ليس إلّا العلم وتصوّر الألفاظ والمعاني ، وهذا موجود في جميع الأفعال الاختيارية ، فانّ المصلي قبل الإتيان بصلاته يتصوّر الصلاة إجمالا ثم يأتي بها خارجا ، وهكذا في جميع الأفعال ، ولو كان ذلك كلاما نفسيا لزم الالتزام بالصلاة النفسيّ والأكل النفسيّ وغير ذلك.
ومنها : انه أسند الكلام إلى الله تعالى في قوله : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً)(١) ، ولو أريد منه الكلام اللفظي فهو حادث ، واتصاف القديم بالحادث محال ، لاستلزامه حدوث القديم أو قدم الحادث ، فلا بدّ وان يكون هناك كلام نفسي قديم يمكن اتصاف القديم به.
وفيه : أولا : انّ ظاهر الآية ان التكلّم كان مع موسى عليهالسلام ، وموسى حادث يقينا ، والكلام مع الحادث حادث ، إلّا ان يلتزم بقدم موسى أيضا ، والقول بأنّ الكلام كان قديما وتعلقه بموسى كان حادثا خلاف ظاهر الآية.
وثانيا : انّ البارئ تعالى يتصف بغير التكلّم من الصفات كالخلق والرزق ونحو ذلك ، فلا بدّ من الالتزام بخلق نفسي ورزق نفسي.
__________________
(١) النساء ـ ١٦٤.