ليست تلك الصفة إلّا نفس الأفعال ، فكما انّ الفعل حادث فالفاعلية والموجدية لها أيضا حادثة ، والتكلم من هذا القبيل.
الثالث : انّ الإنسان حينما يريد الدخول على السلطان أو على العالم يرتّب في قلبه ما يريد إلقائه بمحضر السلطان ، وهو الكلام النفسيّ.
وفيه : انّ ذلك ليس إلّا تصور ، وهو موجود في جميع الأفعال الاختيارية.
الرابع : استشهدوا بالكلمات العرفيّة وظواهر الآيات كقوله تعالى : (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها)(١) ، وقوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ)(٢) ، إلى غير ذلك.
وفيه : انه لا ربط بشيء من ذلك بالكلام النفسيّ كما هو واضح.
ومضافا إلى جميع ما تقدم انه بالوجدان نرى انه ليس في اللفظ إلّا أمور سبعة :
الأول : الألفاظ المفردة ، الثاني : معانيها ، الثالث : الهيئة التركيبية ، الرابع : مفادها ، الخامس : تصور المعنى ، السادس : التصديق بالنسبة نفيا أو إثباتا ، السابع : مطابقة الخبر في مثل «زيد قائم» ، للواقع وليس شيء منها كلاما نفسيا كما هو ظاهر غير محتاج إلى التطويل ، ويؤيد ما ذكر انّ غير الأشعري ممن سبقه ولحقه يستعملون الكلام اللفظي من غير ان ينتقلوا إلى الكلام النفسيّ أصلا ، فنحن لا نتصوّر للكلام النفسيّ معنى معقولا حتى نبحث عنه.
النقطة الرابعة : في الجبر والاختيار ، وهو من مهمّات المباحث الكلامية ، ولو لا انّ صاحب الكفاية تعرّض له في المقام لما تعرضنا له ، فذهب الأشاعرة فرارا من لزوم الشرك بزعمهم إلى انّ افعال العباد كلها مخلوقة لله تعالى ، وليس لإرادة
__________________
(١) يوسف ـ ٧٧.
(٢) البقرة ـ ٢٨٤.