اللفظ مجملا ما لم تقم قرينة على التعيين.
ومنها : بل أهمّها انه لو ورد امر بأمور عديدة فان كان بنحو العام المجموعي كما ورد انه لا صلاة إلّا بأذان وإقامة ، ثم ورد ترخيص في ترك بعضها فلا محالة ينتفي الوجوب عن الجميع ، إذ المفروض انه لم يكن في البين إلّا اعتبار واحد ، وقد رخّص في مخالفته ، وان كان بنحو العام الاستغراقي كما في قوله «اغتسل للجمعة والجنابة» ودلّ الدليل على جواز ترك الجمعة فلا وجه لرفع اليد عن وجوب الآخر أيضا كالجنابة في المثال ، لأنّ الوجوب لم يكن مدلولا للصيغة ، بل كان مستفادا منها ومن عدم الترخيص بنحو تعدد الدال والمدلول ، وثبوت الترخيص في مورد لا يستلزم ثبوته في المورد الآخر.
ثم انّ المحقق الخراسانيّ (١) ذهب إلى انّ الجمل الخبريّة المستعملة في مقام الإنشاء لا تستعمل في غير معانيها ، فالمعنى متّحد على التقديرين والاختلاف انما هو من ناحية الدواعي ، فإذا استعملت الجملة الخبريّة بداعي الحكاية يكون اخبارا وتتّصف بالصدق والكذب ، وإذا استعملت بداعي البعث تكون إنشاء ولا تتّصف بالصدق والكذب ، كما تختلف كيفيّة الصدق والكذب في إرادة المعنى الثاني من اللفظ ، فلو قيل زيد كثير الرماد وأريد منه الاخبار عن الجود يكون صدقه بتحقق الجود فيه ولو لم يكن في داره رماد ، ولو أريد منه معناه الحقيقي يكون صدقه بثبوته.
ونقول : قد ذكرنا انّ اختلاف معاني الأخبار والإنشاء سنخا ، وانّ الهيئة في الجمل الخبريّة موضوعة لقصد الحكاية وفي الإنشائية لقصد إبراز الأمر النفسانيّ ، فلا بدّ من الامتثال فيما نحن فيه بالاشتراك اللفظي أو بالحقيقة والمجاز ، والأول هو الأظهر ، والشاهد لما اخترناه عدم جواز استعمال الجمل الاسمية في الإنشاء
__________________
(١) كفاية الأصول ـ الجلد الأول ـ ص ١٠٤.