الأول : انّ الهيئة منصرفة إلى إسناد الفعل الاختياري إلى الفاعل ، فهيئة «ضرب زيد» ظاهرة في ثبوت النسبة الاختيارية بين الضرب وفاعله ، وهكذا الهيئة في صيغة افعل فانها موضوعة للنسبة الإيقاعية الاختيارية.
وفيه : انّ الاختيار والقصد خارج عن مفاد الهيئة على جميع الأقوال فيها ، سواء كانت موضوعة لثبوت النسبة ، أو للحكاية عنه ، فكون المحكي اختياريا أو غير اختياري لا يستفاد من الهيئة أصلا ، ولذا يمكن استعماله في كلامين مثل «أكل زيد» الّذي هو فعل اختياري ومثل «مات عمر» والّذي هو أمر غير اختياري.
الثاني : انّ المادة منصرفة إلى الحدث الصادر عن الاختيار.
وفيه : انّ الانصراف لا يكون بلا وجه وبلا ملاك ، وملاكه انما هو خروج الفرد عن كونه مصداقا للطبيعة بنظر العرف ، ولو كان فردا لها حقيقة ، اما لضعفه ، واما لقوّته ، والأول مثل انصراف الغصب عن مثل دقّ باب الغير ومس حائطه ، والثاني مثل انصراف الحيوان عن الإنسان الكامل مع انه مصداقه حقيقة ، وليس شيء من الأمرين متحقّق فيما نحن فيه ، فانّ نسبة الطبيعي إلى الفرد الاختياري والغير الاختياري تكون على حدّ سواء ، مثلا الحركة التي هي القسم للاختيارية والقسرية والطبعية تكون كليا متواطئا لا مشككا ، وهكذا عنوان الضرب.
وقد استدل المحقق النائيني (١) على كون المأمور به اختياريا بوجهين :
أحدهما : أنّ ملاك الوجوب الّذي يتّبعه ليس هو الحسن العقلي الثابت في الاختياري منه والاضطراري ، وانما هو الحسن الفاعلي المتقوّم بالاختيار ، فالمأمور به دائما يكون هو الفعل الاختياري.
وفيه : أولا : انّ كون ملاك الوجوب هو الحسن الفاعلي لا العقلي هو أول
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ١٠١ ـ ١٠٢.