وأما لو لم يكن هناك إطلاق لفظي في صورة الاستنابة وكان دليل الواجب منحصرا بإجماع ونحوه ، فمقتضى القاعدة هو الاجتزاء بفعل النائب ، فانّ المتيقّن وجوبه انما هو الجامع بين فعل المكلّف بالمباشرة أو بالاستنابة ، وخصوصيّة المباشرة تكون اعتبارها مشكوكا ، والأصل عدمه.
وملخّص الكلام انا ذكرنا انّ التوصّلية والتعبّدية تستعملان بمعنيين : تارة بمعنى اعتبار قصد القربة وعدمه ، وأخرى بمعنى اعتبار المباشرة والاختيار وإتيان العمل في ضمن الفرد المباح وعدم اعتبار ذلك.
أما الشك في التوصّلية بالمعنى الثاني ففيه فروع ثلاثة :
الأول : ما إذا صدر الفعل من المكلف من دون اختياره وشك في سقوط التكليف بالفرد الغير الاختياري وعدمه ، فان قلنا بأنّ الإيجاب ليس بمعنى البعث والتحريك وانما هو بمعنى اعتبار ما فيه الثقل على ذمّة المكلّف كاعتبار الدين ، فلا يقتضي مقدوريّة متعلّقة ، بل يمكن تعلّقه بالطبيعي بنحو الإطلاق ولو كان بعض افراده خارجا عن تحت اختيار المكلّف وقدرته ، ولا يلزم تقييده بخصوص الحصّة الاختياريّة ، وعليه فمقتضى إطلاق الدليل هو الاجتزاء بالفرد الغير الاختياري ، وهكذا مقتضى الأصل العملي.
الفرع الثاني : ما إذا أتى بالواجب غير الشخص المكلّف وشك في سقوط تكليفه بفعل الغير وعدمه ، فتارة يكون الغير آتيا بالفعل بعنوان نفسه ، وأخرى قد أتى به من قبل المكلّف ، اما تبرعا واما نيابة ، وعلى الأول لا مجال لتوهّم سقوط التكليف عن المكلّف أصلا ، وذلك لأنّ سقوطه عنه بذلك لا يكون إلّا بأحد وجهين ، اما بان يكون الواجب كفائيا أو يكون مشروطا بعدم إتيان الغير بذلك العمل ، وإطلاق الأمر ينفي كلا الأمرين.
وأما إذا لم يكن في البين إطلاق ، فيختلف مقتضى الأصل العملي باختلاف