تعبّدي فهل يحكم بتوصّليته أو لا؟ ويقع الكلام في ذلك في مقامات ثلاثة :
الأول : في مقتضى الدليل الأول ، أعني دليل وجوب الواجب ، كدليل وجوب الخمس مثلا لو شك في توصّليته.
الثاني : في انه هل يكون في البين عموم يقتضى كون كل واجب تعبّدي إلّا ما خرج بالتخصيص وقام الدليل على توصّليته؟
وليعلم انّ المراد من إطلاق دليل الواجب هو الإطلاق الموجب لتوصّلية الواجب وعدم اعتبار قصد الأمر فيه ، وهكذا المراد من المقام الثاني وجود دليل من الخارج على انّ كل واجب توصّلي إلّا ما خرج لا من نفس دليل الواجب.
الثالث : انه لو لم يكن لدليل الواجب إطلاق فهل يقتضي الأصل العملي عدم تقيّد الواجب بقصد القربة أو لا يقتضي ذلك؟
اما المقام الأول فنسب المحقق النائيني (١) إلى الشيخ قدسسره ـ وان لم نعثر على ذلك في كلمات الشيخ ـ انه تمسّك بإطلاق دليل الواجب لإثبات التوصّلية بدعوى انّ الدليل لو لم يكن مقيدا بشيء لا بدّ وان يكون مطلقا بالقياس إليه ، وأورد عليه الميرزا قدسسره بأنّ استحالة التقييد تستلزم استحالة التقيّد ، لأنّ الإطلاق متوقّف على مقدمات منها ان يكون المتكلّم في مقام البيان ، وكان متمكّنا من التقييد ، ولم ينصب قرينة عليه ، فيستكشف من مقام الإثبات انّ الواجب مطلق ثبوتا فإذا لم يمكن التقييد لا يبقى مجال للإطلاق أصلا.
ولكن الشيخ قدسسره ادّعى على ما نسبه إليه الميرزا قدسسره (٢) انّ استحالة التقييد تستلزم ضرورية الإطلاق.
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ١١٢.
(٢) المصدر السابق ـ ص ١١٣.