اختياري للمولى فلا بدّ وان يكون صادرا عن غرض وغاية ، فانّ الفعل لا يصدر عن العاقل الملتفت بلا غرض ، ومن الواضح انّ الغرض من الأمر ليس إلّا حصول الفعل خارجا ولا يعقل ان يكون الغرض منه خصوص الحصّة من الفعل الصادرة بغير داعي الأمر ، فان ذلك أجنبي عن الأمر فكيف يعقل ان يكون هو الغرض منه ، كما لا يعقل ان يكون الغرض حصول مطلق الفعل لعين هذا البيان ، فينحصر ان يكون الغرض من الأمر خصوص الفعل الصادر بداعي ذلك الأمر وغرض المولى يجب تحصيله.
والجواب عنه بمنع الكبرى والصغرى.
اما منع الكبرى ، فلأنّا ولو سلمنا انّ الغرض من الأمر هو حصول الفعل كذلك ، إلّا انه لا يحكم العقل بلزوم تحصيل غرض المولى من فعله وما يستقل به العقل الحاكم في باب الإطاعة ، وانما هو امتثال تكاليف المولى لا تحصيل كل غرض يريده من فعله ، ولذا لا يعتبر قصد القربة في النواهي ولا في الواجبات التوصّلية مع انّ هذا البيان يجري فيها.
وامّا منع الصغرى بعد تسليم الكبرى فلأنّ الغرض من الشيء هو العلّة الغائية المتقدّمة على الشيء تصوّرا والمتأخرة عنه خارجا ، المترتبة عليه ، ومن الواضح انّ حصول الغرض لا يترتّب على الأمر به غالبا لكثرة العصاة وقلّة المطيعين ، فليس الغرض من الأمر ذلك لتجري فيه الشقوق الثلاثة المذكورة ، بل الغرض من الأمر ليس إلّا إيجاد ما يمكن ان يكون داعيا للمكلف أو زاجرا له ، وهذا الغرض يترتب على الأمر لا محالة سواء أطاع المكلف أو عصى من غير فرق بين التوصّليات والتعبّديات ، وهو أجنبي عن التعبّدية فالمولى لمصلحة راجعة إلى نفسه كما في الموالي العرفية أو إلى عبيده كما في الشارع يوجد ما يمكن ان يكون محركا للمكلف ان لم يكن له محرك من نفسه ، أو زاجرا عنه ان كان له داعي نحو الفعل في