وأما المقام الثالث : وهو وجوب الإتيان به فورا ففورا فهو مما لا دليل عليه أصلا لا من الصيغة ولا من الخارج ، وكون الفور من قبيل الواجب في واجب وتعدد المطلوب لا يستلزم الفور ففورا كما تخيله في الكفاية.
نعم ربما يتوهّم انّ نفس آية المسارعة والاستباق يدل على ذلك ، لأنّ الإتيان بالزمان الثاني مسارعة بالإضافة إلى الإتيان في الزمان الثالث ، وهكذا.
والجواب عنه واضح ، فانّ المسارعة لا تصدق عرفا إذا لم يؤت بالشيء في أول وقته العرفي ، مثلا لو أدى المديون دينه بعد سنة ، فهو وان كان مسارعا فيه بالإضافة إلى ردّه بعد سنتين إلّا انه لا يقال عرفا سارع في أداء دينه ، وهكذا لو صلّى قبل ساعة من آخر وقتها.
وبعبارة أخرى : ظاهر المسارعة هو المسارعة بقول مطلق لا المسارعة الإضافية ، وهي لا تتحقق إلّا بإتيان العمل في أول وقته عرفا ، فلا دليل على مسألة فورا ففورا أصلا.