المكلف بلا سورة ، ثم انكشف الخلاف ، اما في الوقت واما في خارجه ، فهل يكتفي بما أتى به أم لا؟
وانكشاف الخلاف تارة : يكون قطعيا ، وأخرى : يكون بأمارة أخرى أقوى كما في تبدل رأي المجتهد مثلا ، فالكلام يقع في موردين :
المورد الأول : في ما لو انكشف الخلاف قطعا.
وقد ادّعى الإجماع على عدم الاجزاء في الفرض ، بل جعل القول بالاجزاء فيه من فروع القول بالتصويب المجمع على بطلانه.
والإنصاف : انّ ما ذكره من عدم الاجزاء في غاية المتانة من غير فرق بين موارد الشبهة الحكمية كما في المثال المتقدم ، وبين موارد الشبهة الموضوعيّة كما لو قامت البيّنة على طهارة ثوب فصلّى فيه ثم انكشف مخالفتها للواقع. وذلك لأنه لو فرضنا بقاء الواقع على حاله وعدم انقلابه بقيام الأمارة على خلافه ـ بناء على ما هو الحق من الطريقية أو المصلحة السلوكية ـ فسقوطه لا يكون إلّا بأحد أمرين :
امّا الإتيان بما هو المأمور به واقعا ، وامّا بقيام الدليل على الاجتزاء بغيره عنه ، وكلاهما مفقود في المقام ، فالقول بالأجزاء فيما نحن فيه في موارد الشبهات الحكمية مستلزم للتصويب واختصاص الأحكام الواقعية بالعالمين بها.
وأما في الشبهات الموضوعيّة ، فأخذ العلم في موضوعات الأحكام بان يكون معلوم البولية نجسا أو معلوم الخمرية حراما ، وان كان في نفسه ممكنا ، وعليه فيمكن القول بالأجزاء في موارد الشبهات الموضوعيّة ، إلّا انه يدفع ذلك امران :
أحدهما ـ انّ ظاهر الأدلة ثبوت الأحكام للعناوين الواقعية من غير دخل لعلم المكلف وجهله فيها ، فنفس البول نجس لا ما علم بوليّته.
ثانيهما ـ انّ دليل حجّية الأمارة وارد على نهج واحد ، فاما ان يستفاد منه الطريقية مطلقا ، أو يستفاد منه السببية مطلقا ، والتفصيل لا وجه له.