المقام التاسع
في مقدّمة الواجب
البحث في مقدّمة الواجب يقع في أمور :
الأمر الأول : انّ هذه المسألة من المسائل الأصولية لوقوع نتيجتها في طريق استنباط الحكم الفرعي ، كما سيظهر لك عن قريب. ولا وجه للقول بكونها فرعية ، ولكن توهم ذلك من تقريب صاحب المعالم (١) عنوان المسألة. هكذا «وما لا يتم الواجب إلّا به واجب» ، فتخيل بعض انّ ما لا يتم الواجب إلّا به من الموضوعات الخارجية والوجوب حكم شرعي ، فالمسألة فقهية.
ولكنه توهم فاسد ، لا لما ذكره المحقق النائيني قدسسره (٢) ، من ان الحكم الفرعي لا بدّ وان يكون حكما ثابتا للعنوان الذاتي الّذي يكون تحته افراد متّفقة الحقيقة ، فالبحث عن وجوب عنوان انتزاعي قابل الانطباق على المقولات المتباينة لا يكون بحثا عن الحكم الفرعي ، ووجوب ما لا يتم الواجب إلّا به يكون من قبيل الثاني ، إذ ربما يكون مقدّمة الواجب بيعا ، وربما يكون أكلا أو شربا ، وذلك لأنه لا دليل على اعتبار ذلك في المسألة الفرعية أصلا ، ولذا يبحث في الفقه عن وجوب الوفاء بالنذر مع انه تارة يتعلّق بالصلاة ، وأخرى بالصوم ، وثالثة بغير ذلك. وهكذا وجوب
__________________
(١) معالم الدين وملاذ المجتهدين ـ ص ٦٦.
(٢) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص.