مقيدا بذلك.
إذا عرفت هذا نقول : جعل الشارع الملكية في التجارة عن تراض بقوله عزّ شأنه : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ)(١) فالملكية الجعلية تمّت بذلك ، ولكن لا معنى للقول بثبوت الملكية الفعلية قبل تحقق التجارة خارجا ، أو قبل حصول شرطها وهو التراضي ، فإذا وقع العقد الفضولي يستحيل ثبوت الملكية الفعلية قبل تحقق رضاء المالك الّذي فرض دخله فيها ، ومن هذه الجهة التزم المحقق النائيني بالكشف الحكمي في العقد الفضولي دون الحقيقي ، ورفع اليد عن ظاهر تلك الآية.
وتوضيح ما تقدم هو : انه تارة يكون الحكم مجعولا بنحو القضايا الخارجية الشخصية ، مثلا يلاحظ فقر زيد فيقول لعبده أعط زيدا درهما ، وأخرى يكون الحكم مجعولا بنحو القضايا الحقيقية بان يجعل الحكم على العنوان من دون ان يلحظ الخارج أصلا ، بل ربما يكون جاهلا أو غافلا بما ينطبق عليه ، مثلا يقول لا تدخل في سفرك على كافر مثلا مع انه لا يدري كيفية سفره ومنازله ومن يرد عليه في أثناء الطريق أصلا.
اما ما كان من قبيل الأول ، فليس له مرتبتان ، لأنه بنفس الجعل يكون فعليا لا محالة ، كما انه لا يكون للموجود الخارجي دخل فيه أصلا ، بل جميع مباديه تكون من الأصول النفسانيّة من اللحاظ ونحوه ، ولذا يكون انتفاء الشرط المتأخر فيه من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع.
واما ما كان من قيل الثاني ، فنفس الجعل فيه لا يتوقف الا على لحاظ الموضوع بما له من القيود والخصوصيات ، واما فعليته فمتوقّفة على وجود
__________________
(١) النساء ـ ٢٩.