الأمر الثالث :
في الوضع
اختلفوا في أن دلالة اللفظ على معناه هل هي ذاتية أم هي جعليّة؟ ذهب بعضهم إلى الأول.
وفيه : لو أريد من الذاتيّة ان تكون تلك المناسبة الذاتيّة كالعلة التامة لدلالة اللفظ على معناه فلازمه ان يكون كل شخص عالما بكل لغة ، لوجود علة الدلالة حينئذ دائما ، وهذا لا يمكن الالتزام به.
ولو أريد من ذلك علّة اختيار الواضع كل لفظ خاص لمعنى مخصوص بمعنى المرجح لاختباره ، فهذا وان كان ممكنا إلّا ان الجزم به يحتاج إلى دليل ولا ، دليل عليه ، والاستدلال عليه بأنه لو لا ذلك لزم الترجيح بلا مرجّح وهو قبيح ، ففيه :
أوّلا : انه لا قبح في الترجيح بلا مرجّح بين الأفراد بعد ما كان أصل الجامع راجحا ، مثلا لو فرضنا ان أصل المشي فيه مصلحة للشخص لمرض ونحوه فاختيار المشي إلى جانب اليمين دون الشمال أو العكس لا يلزم أن يكون فيه مرجح أيضا.
وثانيا : لو سلمنا قبح الترجيح بلا مرجح حتى في الافراد فنقول : لا يلزم لأن يكون المرجح هو المناسبة الذاتيّة ، بل ربما يكون المرجح الأمور الخارجية ، ونظير ذلك في وضع الاعلام الشخصية ، مثلا يضع الوالد لفظ محمد لولده لكونه متولدا في يوم الجمعة مثلا أو لأن اسم جده كان ذلك وهكذا.