وأما عدم كونه من الجواهر فلاحتياجه في وجوده إلى الموضوع ، فانه لو لم يكن هناك لفظ ومعنى لم يكن مجال لوجود الارتباط ، والجوهر غير محتاج في وجوده خارجا إلى موضوع.
وأما عدم كونه من الاعراض فلأنّ العرض متقوم خارجا بالموضوع الخارجي ، وليس الارتباط بين اللفظ والمعنى كذلك ، فان الارتباط ثابت بين طبيعي اللفظ وطبيعي المعنى مع عدم وجودهما في الخارج ، ولذا ترى ثبوته بين اللفظ والمعنى الممتنع ، مثلا إذا فرضنا وضع لفظ مفرد لاجتماع النقيضين أو لشريك الباري يكون الارتباط بين ذلك اللفظ وهذا المعنى موجودا مع كون المعنى من المستحيلات.
وبالجملة ، فلا يمكن ان يكون الوضع من الأمور الحقيقية بهذا المعنى أصلا ، بل هو من الأمور الاعتبارية.
وبالجملة الوجوه المحتملة في حقيقة الوضع ثلاثة :
الأول ـ أن يكون أمرا واقعيّا حادثا.
الثاني ـ أن يكون أمرا اعتباريا.
الثالث ـ أن يكون وسطا بين الأمرين.
ويقرب الثاني أي الاعتبارية بوجهين :
أحدهما : أن يكون عبارة عن تنزيل اللفظ منزلة المعنى بان يكون اللفظ وجودا تنزيليا للمعنى بحيث لو أريد إراءة المعنى يؤتى باللفظ ، ويكون اللفظ وجودا حقيقيا للكيف المسموع وفردا منه ووجودا تنزيليا للمعنى ، وهذا مأخوذ مما ذكره أهل المعقول وأثبتوه من الوجود اللفظي للأشياء في مقابل الوجود العيني والذهني والكتبي.
وفيه : أوّلا : أن التنزيل وان كان خفيف المئونة إلّا انه لا يحسن إلّا فيما كان