فالواجب ينقسم إلى قسمين : مطلق ومشروط ، والمشروط تارة : يكون مشروطا بشرط مقارن ، وأخرى : بشرط متأخر ، وذاك الشرط تارة : يكون قيدا للواجب أيضا وهو المعلّق ، وأخرى : لا يكون كذلك ، فالتثليث لا وجه له. هذا كلّه في كلام الفصول.
واما أصل إمكان الواجب المعلّق ، فقد ذكر لاستحالته وجوه :
منها : ما في الكفاية (١) من انه تعتبر قدرة المكلف على إتيان الواجب ، ومن الواضح انه لو كان مقيدا بأمر متأخر لا يتمكن المكلف من إيجاده قبل تحقّقه.
وفيه : انّ القدرة المعتبرة في صحّة التكليف انما هي القدرة في ظرف الامتثال لا القدرة حين التكليف ، وهي حاصلة على الفرض.
ومنها : ما ذكره المحقق النائيني من انّ القيد المتأخر الغير الاختياري المأخوذ في القضية الّذي يرجع إلى المادة ان لم يرجع إلى الهيئة يلزم التكليف بما لا يطاق ، لأنّ الأمر بالمقيد ينحل إلى الأمر بالقيد ، فلو أمر المكلف بالصلاة حين دلوك الشمس وكان القيد قيدا للواجب دون الوجوب لانحل ذلك الأمر إلى الأمر بإيجاد الدلوك ، وهو غير مقدور للمكلف ومحال ، وان رجع القيد إلى الهيئة أيضا فلا بدّ وان يكون دخله فيها بنحو الشرط المتأخر ليكون الوجوب فعليا لو كان القيد متحققا في ظرفه في نفس الأمر ويتحقق الواجب المعلّق ، وقد عرفت استحالة الشرط المتأخر ، فالواجب المعلّق محال على كلّ تقدير.
وفيه : أولا : انّ ما ذكره من انبساط الأمر بالمقيد إلى إيجاد القيد قد عرفت فساده ، وان الّذي تحت الطلب انما هو التقيد لا القيد ، ولا منافاة بين كون التقيد اختياريا وكون القيد خارجا عن تحت الاختيار كما في المثال بعينه ، فليس التكليف
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ١٦٣.