تنبيهان
الأول : يستفاد من كلام الفصول انّ القيد في موارد الواجب المعلّق يكون غير اختياري دائما ، كما في الحج فانه مقيد بمجيء الموسم الّذي هو خارج عن اختيار المكلف ، وأشكل عليه بأنه لا وجه لحصره في ذلك ، فانه ربما يكون القيد في الواجب المعلّق اختياريا للعبد كما في مثل قوله «ان سافرت فقصّر» فانّ وجوب القصر ثابت بالفعل للمسافر ولو فيما بعد مع انّ السفر امر مقدور ولكن لا يجب تحصيله لأنه أخذ مفروض الوجود.
وبالجملة عمدة الوجه في توهم استحالة الواجب المعلّق انما هو أخذ الأمر المتأخر فيه مفروض الوجود بنحو الشرط المتأخر من غير فرق بين كونه مقدورا للمكلف أو غير مقدور له ، وهذا هو منشأ إشكال المانعين ، فالاختصاص لا وجه له.
الثاني : ذكر صاحب الكفاية (١) انه لو تم ما ذكره صاحب الفصول لكفى في دفع الإشكال في وجوب مقدمات الحج وأمثاله قبل مجيء زمان الواجب ، لأنه لو كان الوجوب فعليا وظرف امتثال الواجب متأخرا لسرى الوجوب الفعلي من ذي المقدمة إلى مقدماته ، إذ عليه تكون المقدمة متأخرة عن ذيها وجوبا ومتقدمة عليها وجودا كما هو الحال في غالب المقدمات ، لكن دفع الإشكال غير منحصر بذلك ، بل يمكن دفعه بالالتزام بالشرط المتأخر أيضا. ولو لم نقل بالواجب المعلّق ، فانّ ما ينفعنا في دفع الإشكال انما هو فعلية الوجوب قبل تحقق زمان الواجب ليمكن سريانه إلى المقدمات الحالية ، وفعلية الوجوب كما تكون بناء على الوجوب التعليقي تثبت
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ١٦٤ وما بعدها.