فيعبر عنه اصطلاحا بالوضع ، فتارة يكون الوضع عاما وكليّا ، وأخرى يكون خاصّا وجزئيّا ، وعلى كل من التقديرين تارة يكون الموضوع له عاما ، وأخرى خاصا ، فالأقسام أربعة.
أما الوضع الخاصّ والموضوع له كذلك ، فلا إشكال في وقوعه ، كوضع أعلام الأشخاص ، وهكذا الوضع عام والموضوع له عام وأما الوضع العام والموضوع له الخاصّ ، فيقع الكلام فيه في مقامين :
المقام الأول : في إمكانه ، وقد أنكر إمكانه جماعة بدعوى انه لا بدّ في الوضع من تصور المعنى بجميع خصوصياته ، وتصور العام والكليّ لا يكون وافيا بلحاظ افراده كذلك. وأثبته جمع آخر ، ولكن قاسوا عليه القسم الرابع ، أعني الوضع خاص والموضوع له عام ، وذكروا انه لو كان لحاظ المعنى بالوجه والعنوان كافيا في مقام الوضع فيصح كلا القسمين ، إذا كما يكون لحاظ الكلّي لحاظ افراده بالوجه كذلك يكون لحاظ الفرد تصوّر كلّيه بالعنوان ، وان لم يكن ذلك كافيا فلا يكفي في كليهما ، فانه كما لا يكون تصوّر الفرد عين لحاظ الكلّي بما هو كلّي ، كذلك لحاظ العام والكلّي ليس لحاظ الفرد بجميع خصوصياته.
هذا وفي كلا الأمرين ما لا يخفى : فان الكلّي تارة : يلحظ من حيث هو أي الطبيعة المهملة ، ولا يحمل عليه حينئذ الا الأحكام المختصّة به المعبّر عنها بالمعقولات الثانويّة ، مثلا يقال الإنسان نوع أو الحيوان جنس ، ولا يحمل هذه الأحكام على افراده ، فلا يقال زيد إنسان والإنسان نوع فزيد نوع كما هو واضح.
وأخرى : يلحظ بنحو السريان أي الكلّي الموجود ، وحينئذ لا يحمل عليه إلّا أحكام الافراد ، ويعبّر عنه في اصطلاح الأصوليّين باللابشرط القسمي كما هو الشأن في جميع القضايا الحقيقيّة ، فيكون الحكم المترتّب عليه مترتّبا على افراده ، مثلا لو قيل الخمر حرام فمعناه ان هذا الفرد منه حرام وذلك الفرد حرام وهكذا ، ولذا ذكرنا