أدلّة وجوب المقدمة
ثم انا نتعرض لما ذكر دليلا على وجوب المقدمة تبعا للاعلام. وقبل ذلك نذكر ما يقتضيه الأصل العملي عند الشك في وجوبها فالبحث في مقامين :
المقام الأول : في مقتضى الأصل العملي. وهو تارة يجري في المسألة الأصولية وأخرى في المسألة الفرعية اما الرجوع إلى الأصل العملي في المسألة الأصولية ، أعني بها الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته فغير ممكن فانها ان كانت ثابتة فهي ثابتة أزلا ، وان لم تكن كذلك فليس فيها حالة سابقة متيقّنة شك في بقائها.
وامّا من حيث المسألة الفرعية ، أعني وجوب المقدمة ، فقد ذكر في المنع عن الرجوع فيه إلى الأصل العملي وجوه :
منها : ما في الكفاية (١) وحاصله : انّ وجوب المقدمة من قبيل لوازم الماهية ، فليس امرا مجعولا بالجعل البسيط ولا بالجعل التأليفي.
ثم أجاب عن ذلك بأنه وان لم يكن مجعولا ذاتا ، ولكنه مجعول تبعا لجعل وجوب ذي المقدمة ، ويكفي ذلك في جواز الرجوع إلى الأصل العملي.
هذا ولكن الإشكال والجواب كلاهما فاسد.
اما فساد الإشكال ، فلما بيّناه في أول المبحث من انّ وجوب المقدمة المبحوث عنه في المقام انما هو وجوب مستقل مترشح من وجوب ذي المقدمة ، فهو وجوب مجعول مستقل غايته معلول لوجوب ذي المقدمة نظير بقيّة العلل ومعلولاتها ،
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ١٩٩.