المقام العاشر
الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن الضد أم لا؟
وليعلم انه ليس المراد من الضد في المقام معناه الاصطلاحي ، بل المراد منه معناه اللغوي ، وهو مطلق المنافي الجامع بين الضد الخاصّ والضد العام ، فللبحث مقامان :
المقام الأول : في الضد العام ، وفيه أقوال : قول بعدم الاقتضاء ، وقول : بالاقتضاء بنحو العينية ، أو الجزئية أو الملازمة ، وقول : بالتفصيل.
ونقول : تارة يراد من النهي معناه المعروف أعني طلب الترك ، وأخرى يراد به الزجر ، وعلى الأول فالمعنى انّ الأمر يقتضي طلب ترك تركه ، وقد عرفت مرارا انّ المتحقق في دار التحقق ونفس الأمر حقيقة في مقابل فرض الفارض ليس إلّا أمران : الوجود ، ونقيضه وهو العدم ، فيصح ان يقال انّ الوجود متحقق حقيقة أو العدم متحقق كذلك ، وامّا بقية العناوين مثل عدم العدم أو عدم عدم العدم فكلها أمور انتزاعية من الوجود والعدم ، ولا بأس في انتزاع العدم من الوجود ، فانّ الانتزاع ليس بمعنى الانطباق كما هو واضح.
وعليه ففي الحقيقة ترك الترك في الخارج ليس إلّا الوجود ، فيكون معنى عنوان البحث انّ الأمر بالشيء يقتضي الأمر بنفسه ، وهذا ينطبق مع العينية إلّا انه ليس قابلا للبحث والنزاع ، وهل يعقل ان يقال انّ القيام يقتضي القيام أم لا؟