الأول : عدم كون ترك الضد مقدمة لفعل ضده وبالعكس ، وهذا هو المختار.
الثاني : توقف فعل الضد على ترك ضده وتوقف الترك على فعله ، أي ثبوت التوقف من الطرفين ، وكأنّ القائل به غفل عن استلزامه الدور. ويظهر هذا القول من العضدي والحاجبي ، فانهما في هذا المبحث سلّما كون ترك الضد مقدمة لفعل الضد الآخر ، وانما أنكرا وجوب المقدمة ، وفي شبهة الكعبي من إنكاره المباح بدعوى انّ ترك الحرام واجب ، وهو متوقف على فعل أحد أضداده ، فيجب ذلك سلّما التوقف وأنكرا وجوب مقدمة الواجب ، فيظهر منهما الالتزام بثبوت التوقف من الطرفين.
الثالث : ما نسب إلى بعض ولم يعرف قائله : توقف عدم الضد على وجود الضد الآخر بلا عكس.
الرابع والخامس : عكس ذلك أعني الالتزام بتوقف وجود الضد على عدم الضد الآخر ، اما مطلقا ، واما في خصوص الضد الموجود.
هذه ملخص الأقوال في المقام. فأولا : نتكلم فيما ذكر لإبطال المقدمية ، وهو وجوه:
منها : ما في الكفاية (١) من انّ فعل الضد وترك الضد الآخر بينهما كمال الملاءمة ، فكيف يمكن ان يكون وجوده مانعا عنه؟!
وفيه : انه ما المراد بالملاءمة؟ فان أريد بها الملاءمة من حيث الوجود الخارجي بمعنى تحققهما في الخارج ، ففيه : انّ الملاءمة بهذا المعنى غير مانع عن المقدمية ، بل هي ثابتة في اجزاء العلّة ومعلولها ، ولو لا ذلك لما تحققت العلية والمعلولية.
وان أريد بها الملائكة في الرتبة واتحادهما كذلك ، ففيه : انه أول الكلام ، فانّ من يرى مقدمية ترك الضد لوجود ضده يرى اختلافهما في الرتبة.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٢٠٦.