الأمور الذهنيّة وحسب قوله قدسسره هو من الكلّيات العقليّة ، وهي لا تصدق على الخارج.
والّذي ينبغي ان يقال : في توجيه كلامه ، بل يظهر ذلك مما يذكره في المشتق من انه لو استعمل الأسماء في موضع الحروف لما كان مجازا واستعمالا في غير ما وضع له وان كان بغير ما وضع له ، ان الواضع جعل اعتباره أو التزامه بذكر لفظ «من» مثلا في الحروف عند إرادة تفهيم الابتداء مشروطا بكونه ملحوظا آليا ، وجعل اعتباره على المشهور أو التزامه على المختار وضع لفظ الابتداء مشروطا بان يكون ملحوظا استقلالا ، وعليه فتكون العلقة الوضعيّة ثابتة في حال دون حال ، ويكون أصل الوضع مشروطا ، وفي غيره لا محالة يكون الاستعمال غلطا وبلا علقة وضعية ، وعلى هذا فيسلم ما أفاده من الإشكالات المذكورة ، وبما ذكرنا ظهر انه لا مجال لما أورده المحقق النائيني عليه (١).
ثانيا : من انه لا معنى لإلغاء الآلية والاستقلالية معا ونفي كلا الأمرين عن الموضوع له ، مع ان المعنى لا يخلو اما ان يكون آليا واما استقلاليا ، فيكون ذلك من قبيل ارتفاع النقيضين ، وذلك لأن المنفي في كلامه ليس آلية المعني واستقلاليته ، وانما المنفي تعلق اللحاظ الآلي واللحاظ الاستقلالي به وان الموضوع له ذات المعنى من دون دخل اللحاظ فيه أصلا ، ومن الواضح ان بين الملحوظ آليا والملحوظ استقلاليا لهما واسطة وثالث وهو ذات المعنى كما عرفت ، فنفي كلا الأمرين ليس مثل نفي القيام واللاقيام والموجودية واللاموجودية ليكون ارتفاع النقيضين عن زيد مثلا ، بل يكون كنفي العلم والجهل عن شيء واحد فلا إشكال فيه.
وبالجملة فالذي يستفاد من ما ذكره قدسسره ان مراده من الاشتراط هو
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ١٥.