ومدلوله الالتزامي اشتمال كل فرد منها على الملاك ، فإذا قيد الوجوب والمدلول المطابقي بالإضافة إلى بعض افراده لعدم القدرة عليه مثلا فلا وجه لرفع اليد عن المدلول الالتزامي بالنسبة إليه أصلا بل هو باق على حالة.
وقد ذكر المحقق النائيني قدسسره (١) ما يمكن ان يرجع إلى هذا وحاصله : انّ القدرة لو اعتبرها الشارع في لسان الدليل كما في آية الحج وآية التيمم فسنكشف عدم ثبوت الملاك عند عدمها ، وامّا لو كانت معتبرة بحكم العقل ، اما من جهة استحالة التكليف بما لا يطاق ، واما من حيث اقتضاء نفس البعث لذلك ، فحيث انّ الموضوع في المرتبة السابقة على ثبوت التكليف وترتبه عليه مطلقا ، لأنّ التقييد انما يرد مقارنا لتحقق التكليف وتعلقه بالموضوع ، ففي المرتبة السابقة عن وروده يكون الموضوع مطلقا فنتمسك بإطلاقه.
وبالجملة : لو اعتبرت القدرة في لسان الدليل كما في آية الحج وفي آية التيمم فانّ الأمر بالوضوء وان كان مطلقا ، إلّا انّ الأمر بالتيمم حيث أخذ فيه عنوان من لم يجد ، والتفصيل قاطع للشركة ، يستفاد من ذلك اختصاص التكليف بالوضوء لواجد الماء ، فلو فرضنا انّ العاجز عن استعمال الماء شرعا توضأ لا يكون وضوءه مشتملا على الملاك ، ولو فرضنا انّ غير المستطيع حج متسكعا لا يكون حجّه مشتملا على الملاك الملزم ، فلا يجزي عن حجّة الإسلام إذا حصلت له الاستطاعة. والوجه في ذلك ظاهر فانّ ظاهر أخذ القدرة في الخطاب اختصاص الملاك بالقادر أيضا.
واما لو لم تعتبر القدرة في لسان الدليل ، وكان اعتبارها بحكم العقل ، اما من جهة قبح التكليف بما لا يطاق ، وأمّا من حيث انّ إمكان التحريك يستلزم إمكان
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٢٦٦ ـ ٢٦٧.