مثلا لفظ زيد يكون أجنبيا عن الدار وبالعكس وإذا جيء بلفظ «في» يرتبط أحد اللفظين بالآخر ، فالحروف موجدة للربط الكلامي وموضعة لذلك ، وعليه فكل من الربط اللفظي والنسبة الكلامية الثابتة بالحروف والربط الخارجي أي النسبة النّفس الأمرية يكون مصداقا لمفهوم النسبة والربط الّذي هو معنى اسمي ، فكلاهما يكونان مصداقا لذلك ، لا ان الربط يكون من مصاديق الربط الكلامي ، وحينئذ فان كان الربط الكلامي مطابقا ومشابها مع الربط النّفس الأمري بأن كانا تحت طبيعة واحدة وصنف واحد ، فيكون الربط الكلامي صدقا ، وإلّا فيكون كذبا.
وإلى هذا أشار المحقّق المير شريف حيث يقول : لو كانت النسبة الكلامية مطابقة مع النسبة الخارجية تكون صادقة ، فالتعبير بالمطابقة أي تطابق الربطين يكون بهذا المعنى لا انطباق الكلي على الفرد كما هو واضح.
هذا ونقول : ما المراد من كون الحروف موجدة للربط الكلامي؟ فان أريد به ان الربط الكلامي يكون من لوازمها الذاتيّة فهو مما نقطع بخلافه ، وإلّا لزم صحّة الإتيان بكل حرف مكان كل حرف ، فتأمل. وان أريد ان ذلك ثابت بالوضع والجعل فما الموضوع له فيها.
وبعبارة أخرى : لو أريد : ان الحروف موجدة للربط بين الألفاظ فقط من دون إيجاد تغير في معانيها ، فهو ممنوع ، إذ لا معنى للربط بين أصوات يبقى جزء منها ، فيوجد الجزء الآخر. وان أريد ان الربط بين الكلمات يكون من جهة إيجاد الربط بين معانيها ووجود معنى حرفي ، فنسأل عن ذاك المعنى وانه أي شيء فيكون حاكية عنه.
فالصحيح ان يقال : ان الأسماء والحروف متباينة سنخا ، ولكن معاني الحروف في أنفسها مختلفة ، فلا بدّ من الاستقراء في ذلك ونعرف بمقدار ما استقرأنا ، ونقول : ما يكون من قبيل كلمة «في» وأمثالها تكون موضوعة لتفهيم تضييق