المفاهيم والدلالة على تخصصها ، فمعاني الحروف نفسها تكون غير مستقلة ومتدلية بالغير ، ففي قولك «الصلاة في المسجد» لفظ الصلاة تدل على المفهوم الخاصّ والمسجد القيد ولفظ «في» على تقيد الصلاة بهذا القيد ، فالحروف كلها موضوعة للتضييق ، غايته بعضها لتضييق المفرد كما هو الغالب ، وبعضها لتقييد الجملة كأداة الشرط ، فانها تضيق مفاد الجملة إنشائية كانت كقوله «ان جاءك زيد فأكرمه» أو إخبارية كما تقول «ان كانت الشمس طالعة فالنهار موجود».
ولا يخفى ان المعاني الحرفية على هذا تكون قابلة للّحاظ الاستقلالي كالأسماء ، بل ربما يكون المقصود الأصلي في الكلام هو المعنى الحرفي كما لو سئل عن تحصص الصلاة بالأين أو «متى» وقيل : «أين صلى زيد»؟ و «متى صلى زيد»؟ ولم يكن السؤال عن نفس الزمان والمكان.
ثم انا انما أطلنا الكلام في المقام لأنه يترتب عليه ثمر مهم في مفهوم الشرط ، فان المنكرين له استدلوا على مدعاهم بان مفاد الهيئة معنى حرفي وملحوظ آلي ، ولا يكون قابلا للإطلاق والتقييد ، فلا يمكن رجوع القيد إليه ، بل لا بدّ وان يرجع إلى المادّة ، فلا يتحقّق للشرط مفهوم ، وبما ذكرنا ظهر ان مفاد الهيئة وان كان معنى حرفيا إلّا انه قابل للّحاظ الاستقلالي ، ولا ينافي ذلك كون المعنى غير مستقل ، لأن عدم الاستقلال الذاتي لا ربط له بعدم الاستقلال في اللحاظ ، وعليه فيكون قابلا للإطلاق والتقييد كالمعاني الاسمية فإذا لا مانع من رجوع القيد إلى الهيئة ، فيثبت مفهوم الشرط ، وهذه ثمرة مهمة.
ثم ان الوضع في الحروف عام ، فان الحصص كما ذكرنا كثيرة ، بل غير متناهية ، ولا يمكن تصور كل منها بخصوصية لغير المتناهي ، فهل يكون الموضوع له فيها عاما أيضا أم لا؟
أما على مسلك المحقق الخراسانيّ قدسسره فيكون الموضوع له فيها عام واضح ،